يكون بغناه موجبا له إلا أن يقال: إن الطرب الحاصل من الغناء غير الفرح الحاصل من الصوت المذكور سنخا كما لا يبعد، وكيف كان ليس صوت مثل القرشي غناء سواء حصل منه الطرب أم لا، وأما دعواه بأن مرجع جميع التعاريف إلى ما ذكره ففيها ما لا يخفى بل يمكن أن يقال: إن ما ذكره غير موافق لواحد منها.
نعم الظاهر أن المراد بالسماع أو الصوت هو الاصطلاحي منهما لكنهما ليسا تعريفا حقيقة كما لا يخفى، ورجوعهما إلى تعريفه محل اشكال يظهر مما ذكرناه و نذكره، كما أن التوجيه الذي ارتكبه لكلام الشيخ الأنصاري أي قوله: ما كان مناسبا لبعض آلات اللهو والرقص فالظاهر بل المعلوم غير وجيه، لعدم كون مراده من هذا الكلام هو بيان تناسب النسب الموسيقية والايقاعية.
فالأولى تعريف الغناء بأنه صوت الانسان الذي له رقة وحسن ذاتي ولو في الجملة وله شأنية ايجاد الطرب بتناسبه لمتعارف الناس، فخرج بقيد الرقة والحسن صوت الأبح الردئ الصوت، وإنما قلنا له شأنية الاطراب، لعدم اعتبار الفعلية بلا شبهة، فإن حصول الطرب تدريجي قد لا يحصل بشعر وشعرين فتلك الماهية ولو بتكرار أفرادها لها شأنية الاطراب وهذا بوجه نظير ما ورد في المسكر بأن ما كان كثيره مسكرا فقليله حرام فإن الحكم تعلق بالطبيعة التي من شأنها الاسكار ولا ينافي عدم مسكرية قليلها، وماهية الغناء كذلك فلا ينافي عدم مطربية بعض مصاديقه فعلا، وقيد التناسب، لأجل أن الصوت الرقيق الرخيم إن لم يكن فيه التناسب الموسيقى لا يكون مطربا ولا غناء بل لا يتصف بالحسن حقيقة، فالمد الطويل لا يكون غناء و لا مطربا ولو كان في كمال الرقة والرخامة، ولو قيل إنه حسن يراد به رقته ورخامته وصفائه الذاتي، والتقييد بشأنية الطرب لمعرفية التناسب الخاص أي التناسب الذي من واحد من الألحان الموسيقية، فهو في الحقيقة من باب زيادة الحد على المحدود.
وبما ذكرناه تظهر الخدشة في الحد المنتسب إلى المشهور وهو مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب، فإن الغناء لا يتقوم بالمد ولا الترجيع، ففي كثير من أقسامه