كان حكم الشارع بالتحرز إلزاميا، ولهذا يظهر من شيخ الطائفة رحمه الله في عبارته الآتية أو قوما من أصحابنا قالوا بنجاسة دخان المتنجس للرواية المرسلة المتقدمة، وهو حق لو علمنا بلزوم الاجتناب فيفهم من دليله تخطئة الشارع العرف في وقوع الاستحالة، أو حكم بلزوم الاحتياط في الشبهة لمعرضية عدم الاستحالة، لكن مع ورود روايات كثيرة مطلقة في مقام البيان لم يكن فيها أثر من هذا القيد في مقابل رواية واحدة ناهية عن الاسراج تحت السقف: يكون الجمع العقلائي بينها حملها على الاحتياط الاستحبابي المطلوب في مثل المقام، سيما مع كونها مخالفة للأصول والحمل على التعبد المحض الغير المربوط بالنجس الاحتمالي أو المظنون: غير مساعد لفهم العرف والعقلاء ومناسبات الحكم والموضوع، كما أن الحمل على لزوم الاحتياط ورفع اليد عن الأصول والقواعد والاطلاقات الكثيرة الواردة في الباب: بعيد جدا، ومخالف لارتكاز العقلاء في مقام جمع الأدلة فما ربما يقال إن مقتضى تعلق الحكم على العنوان واطلاقه عدم جواز الاستصباح به ولو لحظة بل ولو كان السقف مرتفعا إلى الثريا (ناشئ) من عدم التأمل في الرواية وارتكاز العقلاء فإن العناوين مختلفة، فربما لا تكون لها نفسية حتى يأتي فيها ما ذكر نظير قوله في روايات الباب وأعلمهم إذا بعته (1) فإن الاعلام بحسب حكم العرف ليس إلا للتحفظ عن الابتلاء فمع العلم بعدمه لا يجب كما مرو ليس لأحد أن يقول: إن مقتضى الاطلاق: وجوبه ولو مع لغوية الاعلام، ضرورة عدم الاطلاق لمثله، والمقام من قبيله، فإن أهل العرف لا يفهمون من النهي عن الاستصباح تحت السقف: إلا للتنزه عن النجس المحتمل أو المظنون، فلا اطلاق له يشمل ما ذكر. والانصاف أن الجمع بينها وبين المطلقات المتقدمة بما ذكرناه وأشار إليه شيخنا الأعظم: من أجمل الجموع وأوهن التصرفات.
ثم إنا لا نقول: بأن النهي لمراعات عدم تنجس السقف حتى يقال إن تنجسه لا مانع منه، بل نقول: إن ذلك لمراعات حال المكلف المبتلي بالدخان تحت