هو الدفع عن التخمير لأجل مبغوضية تحققه، وكل واحد منهم مستقل في القدرة على نقضه، فمن نقضه فهو عاص، لا من بنى على نقضه. وبالجملة عدم امكان الدفع إنما هو بعصيان الشركاء وعدم امكان دفعهم عنه فكيف يمكن أن يكون ذلك موجبا لجواز نقضه وعصيانه قبل عصيانهم بمجرد بنائهم عليه.
وإن شئت قلت إن بيع الغير وتسليم العنب موجب لتعجيزه عن دفع المنكر، لا بنائه عليه، فما لم يتحقق التسليم من الغير تكون القدرة على الدفع باقية له فإنه قادر على ابقاء الدفع ونقضه ما دام الدفع لم ينتقض، فالانتقاض الموجب لتعجيز غيره محرم وهو حاصل بفعل البايع فعلا لا تقديرا وبناء، وهذا هو الأقوى.
وأما ما ذكره السيد في تعليقته على المكاسب من أنه إذا أمر الشارع على أمر بسيط غير مقدور على آحاد المكلفين بل يتوقف على اجتماع جماعة: فلا محالة يكون الإيجاب راجعا إلى المقدمات بالنسبة إلى الآحاد فتكون المقدمات واجبا نفسيا و ذلك العنوان البسيط الغير المقدور بالنسبة إلى الآحاد غرضا في المطلوب لا مطلوبا أوليا، ففي المقام يكون الواجب على كل مكلف ترك بيع العنب لا عنوان دفع المنكر لعدم القدرة عليه، ولا ترك بيع العنب الموصل إلى الدفع لأنه أيضا غير مقدور عليه، فترك بيعه واجب على كل منهم إلى أن وقع العصيان من أحدهم، وأن البناء على العصيان لا يكون عصيانا (انتهى ملخصا) ففيه أولا أن أوامر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تفي بما ذكره بعد ما كان وجوبهما شرعيا لا عقليا كما هو مذهبه، وذلك لأن تلك الأوامر كغيرها في سائر الأبواب: متوجهة إلى آحاد المكلفين ولو انحلالا فقوله تعالى فلتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (1) نظير قوله تعالى (فلولا نفر من كل فرقة طائفة) (الخ): (2) منحل إلى أوامر متوجهة إلى آحاد المكلفين لا مجموعهم ولا يعقل أن تكون متوجهة إلى الآحاد مستقلا وإلى المجموع بلفظ واحد،