باطلة: بعيد عن ظاهر الرواية، مع أن ترك الاستفصال دليل على الحرمة مطلقا، كما أن احتمال أن لا تكون لهن قيمة إلا بلحاظ صفة التغني بعيد غايته بل مقطوع الخلاف.
ومنها رواية إبراهيم بن أبي البلاد (1) قال أوصى إسحاق بن عمر بجوار له مغنيات أن نبيعهن ونحمل ثمنهن إلى أبي الحسن عليه السلام قال إبراهيم فبعت الجواري بثلاثمائة ألف درهم وحلمت الثمن إليه، فقلت له إن مولى لك يقال له إسحاق بن عمر أوصى عند وفاته ببيع جوار له مغنيات وحمل الثمن إليك وقد بعتهن وهذا الثمن ثلاثمائة ألف درهم فقال: لا حاجة لي فيه أن هذا سحت وتعليمهن كفر والاستماع منهن نفاق وثمنهن سحت يمكن الاستدلال بها على البطلان مطلقا بأن يقال: لو كان لبيع المغنيات وجه صحة ووجه فساد: كان مقتضى القاعدة حمله على الصحة لا الحكم بكون الثمن سحتا، فالحكم به ورد الثمن دليل على أن لا وجه صحيح في بيعهن، إلا أن يقال: بظهورها في أن البيع وقع بلحاظ كونها مغنية، ولوحظت زيادة القيمة لأجلها كما هو الغالب الشايع من بيع المغنيات، أو يقال: بعدم جريان أصالة الصحة فيما كان الغالب على خلافها كما في المقام، ومع ذلك فترك الاستفصال لا يخلو من اشعار بالبطلان مطلقا.
ومنها صحيحة معمر بن خلاد (2) عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال خرجت وأنا أريد داود بن عيسى بن علي، وكان ينزل بئر ميمون، وعلى ثوبان غليظان فلقيت امرأة عجوزا ومعها جاريتان، فقلت: يا عجوز أتباع هاتان الجاريتان؟ فقالت: نعم، ولكن لا يشتريهما مثلك، قلت: ولم؟ قالت: لأن إحديهما مغنية والأخرى زامرة (الخ) ويمكن الاستدلال بها للبطلان مطلقا بأن يقال: لو كان الاشتراء بلحاظ سائر أوصافهن جائزا: لم يقررها عليه أو أشار إليه في نقله لمعر بن خلاد، إلا أن يقال: إن العجوز كانت لم تبعهما إلا بلحاظ قيمة وصفهما، ومنها بيع شئ مباح ممن يصرفه في الحرام