فكأنه قال: كل فاعل، والفاعل يصدق على الاثنين والواحد بمعنى أن الاثنين فاعل واحد فلا يكون مستعملا في الوحدات والاثنينات.
قلت إن الجمع بين العام الاستغراقي والمجموعي في كلام واحد وحكم واحد: لا يمكن، فإن الاستغراق الملازم للانحلال يتقوم بعدم لحاظ الوحدة بين الأشخاص، والعام المجموعي متقوم بلحاظها، ففي قوله: أكرم العلماء إن لم يلحظ في تعلق الحكم وحدة الموضوع ولم يعتبر المجموع واحدا: ينحل إلى أحكام عديدة حسب تعدد الأفراد، وإن لوحظت الوحدة والاجتماع يكون حكم واحد لموضوع واحد، ولا يعقل الجمع بين المجموعي والاستغراقي أي لحاظ الوحدة وعدم لحاظها هذا في المتعلق، وكذا الحال في المكلف ففي قوله: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود (1) أما أن لا يلاحظ كون المؤمنين نفسا واحدة، فيكون كل مؤمن مكلفا بالوفاء، وأما أن يلاحظ ذلك، فلا يمكن الانحلال إلى أحكام كثيرة حسب تعدد المؤمنين، لأن المكلف حينئذ يكون عنوانا واحدا هو مجموع المؤمنين ففي ما نحن بصدده بعد ما كان كل فاعل مستقلا في فعله وفاعلا لجزء من الصورة، ولا يمكن أن يكون الاثنان أو أكثر واحدا إلا مع اعتبار الوحدة.
إما أن تعتبر الوحدة في من يكون لفظة (من) كناية عنه أو لا، فعلى الأول لا يعقل جعل الحكم استقلالا، وعلى الثاني لا يعقل جعله للمجموع، والجمع بينهما جمع بين اللحاظين المتنافيين، ومجرد توهم جعل الحكم على الأشخاص الفاعلين أو على عنوان الفاعل: لا يصحح ذلك فلو قال: الفاعل للصورة كذا يأتي فيه ما ذكرناه من الاشكال، والمثالان المذكوران نقضا إلى قوله من قتل نفسا، وقوله من رد عبدي نظير ما نحن فيه في عدم الامكان (نعم) قد تقدم قرينة على عدم الفرق بينهما وقد يعلم بحصول المناط في الصورتين وهو أمر آخر.
ويمكن أن يناقش فيما ذكرناه ويقال إن (من) منطبق على الأفراد والوحدات الحقيقية قهرا، وإذا لوحظ الاجتماع في الوحدات ينطبق على الوحدات الاعتبارية