ويأكل ثمنه، فإن الظاهر منه أن الاستحلال موجب لجواز بيع الميتة وأكل ثمنها، وليس النظر إلى مقام التسليم، فقوله: يأكل ثمنه إشارة ظاهرة إلى ما هو مروي عن النبي صلى الله عليه وآله والوصي عليه السلام بأن ثمن الميتة سحت، فكأنه قال إذا اشتبه الميتة والمذكى يحل ثمن الميتة، وليس بسحت في هذه الصورة، فالأقوى جواز بيعهما بل تعينه، وعدم جواز بيع المذكى الواقعي، لما عرفت من مخالفته للقواعد، واللازم الاقتصار على ظاهر الروايات فيبيعهما، كما هو ظاهر الشيخ وابن حمزة، والاحتمال المتقدم بعيد عن كلامهما جدا، وهو ظاهر الأردبيلي مشفوعا بدعوى الشهرة عليه، قال بعد استبعاد حمل الخبرين على بيع الواقع المذكى: (أو تخصيص عدم الانتفاع بالميتة، وعدم جواز أكل ثمنه إلا في هذه الصورة، وكذا تسليط الكافر على أكل الميتة للنص والشهرة، ومن لم يعمل بالخبر الواحد مثل ابن إدريس يطرحهما ، ولم يجوز بيعه (انتهى) والظاهر منه اختيار هذا الوجه، وهو الأقوى.
وأما حملهما على جواز استنقاذ مال المستحل للميتة بذلك برضاه، وعدم البيع الحقيقي، كما عن العلامة واستجوده الأردبيلي، فيه ما لا يخفى من البعد.
وأبعد منه ما احتمله شيخنا الأنصاري (1) من حملهما على صورة قصد البايع المسلم أجزائها التي لا تحلها الحياة: من الصوف والوبر ونحوهما، قال وتخصيص المشتري بالمستحل، لأن الداعي له على الاشتراء اللحم أيضا، ولا يوجب ذلك فساد البيع، ما لم يقع العقد عليه (انتهى) وأنت خبير بأن طرحهما خير من هذا الحمل المقطوع الخلاف، مع ورود بعض الاشكالات المتقدمة عليه، على فرض قصد البايع الأجزاء دون المشتري، كما هو ظاهر كلامه.
ثم إن الميتة من غير ذي النفس السائلة تجوز المعاوضة عليها وعلى أجزائها القابلة للانتفاع العقلائي، لقصور الأدلة عن اثبات منعها، واختصاصها أو انصرافها إلى غيرها.