في المقام بصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام: قال كل شئ فيه حلال و حرام، فهو لك حلال أبدا، حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه. وصحيحة ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام (1) وهناك روايات أخر، ربما يأتي الكلام فيها مستقصى، في باب المال المختلط بالحرام انشاء الله، لكن الأقوى في المقام عدم جواز الانتفاع بهما، لا لطرح الأدلة، بتوهم كونها خلاف العقل والقواعد، لما عرفت، بل لظهور صحيحتي الحلبي الآتيتين عرفا في عدم جواز أكلهما، أو أكل أحدهما، وعدم جواز انتفاع آخر بهما إلا بيعهما للمستحل، وأن الطريق المنحصر في الاستفادة هو ذلك، وبهما يخصص كل ما دلت على تجويز ارتكاب أطراف الشبهة، لو سلمت دلالتها، وبهذا يظهر عدم جواز تعرف حالهما بالعرض على النار بالانبساط والانقباض، كما حكى عن الدروس الميل إليه، فإن ذلك لو كان أمارة مطلقا لكان على أبي عبد الله عليه السلام بيانه، لكشف الواقع وعدم ارتكاب خلاف القواعد، فلا يتعدى عن مورد رواية شعيب (2) في اللحم المطروحة، لو قلنا بجواز العمل بها في موردها.
وأخرى في صحة بيعهما ممن يستحل الميتة، ولا شبهة في أنه كما يلزم من بيعهما جميعا رفع اليد عن أدلة حرمة بيع الميتة، وأن ثمنها سحت، وعن دليل حرمة اقباض الميتة للأكل ممن تحرم عليه، فإن الكفار أيضا مكلفون: كذلك يلزم من بيع المذكى الواقعي خلاف القواعد، سواء بين الواقعة للمشتري، واشترى هو أيضا المذكى أو لا، فعلى الأول يلزم الجهالة والغرر في بعض الأحيان، كما لو كان أحدهما مهزولا والآخر سمينا، واختلف قيمتهما، إن قلنا بأنه غير مطلق الجهالة، و أنها مفسدة كالغرر. وتسليط الكافر على الأكل والانتفاع المحرم عليه واستحلاله:
لا يوجب حليته عليه، وعلى الثاني يلزم مضافا إلى ما ذكر، عدم مطابقة الإيجاب للقبول، فإنه ببيع المذكى بدرهم، والمشتري يقبلهما به، فلا مطاوعة بينهما، وليس