ثبوت المنع الشرعي يكون البيع عقلائيا، منسلكا تحت أدلة تنفيذه، فتحصل مما ذكر أنه بعد قصور أدلة عدم جواز بيع الميتة الواقعية لاثبات الحكم في المشتبه، وبعد البناء على عدم جريان أصالة عدم التذكية، والبناء على جريان أصالة الحل، وسائر الأصول الشرعية في أحد الطرفين تخييرا: أن مقتضى الأصول صحة بيعه، وإن قلنا: بأن أصالة الحل لا تفي بذلك، بل الاستصحابات المذكورة مقدمة عليها.
وقد يقال: إنه يعتبر في صحة البيع الملكية، وكذا صحة الانتفاع بما هو ملك، وفي المقام إن باع المذكى الواقعي فقد أوقع البيع على ملكه، لكن صحة الانتفاع به مشكوك فيها، لاحتمال أن يكون مختاره غير مملوكة، وإن أوقع البيع على المشتبه، يكون ملكيته له مشكوك فيها، فلا يمكن احراز الشرطين.
(والجواب) إنا نختار بيع أحد المشتبهين، ونحرز الملكية بالاستصحاب كما تقدم لأن المفروض جريان الأصول في أحد الأطراف تخييرا.
وقد يجاب عن الاشكال بعد اختيار بيع المذكى الواقعي، بأن جواز الانتفاع بكل من المشتبهين تخييرا من آثار ملك المذكى الواقعي، الموجود يقينا في المشتبهين ومن منافعه، وهذا القدر كاف في تحقق الانتفاع المعتبر في صحة البيع فإنه ليس من أكل المال بالباطل، (بعد تسليمهما للمشتري) وجواز انتفاعه بأحدهما الذي هو نتيجة ملكية المذكى الواقعي المردد بينهما، (وفيه) أن جواز الانتفاع بأحدهما المردد لا يعقل أن يكون من آثار ملكيته الواقعية لأحد الطرفين، فإن أثر الملكية الواقعية جواز التصرف في خصوص الملك، لا في غيره، ولا في المردد بينه وبين غيره، مع أن الحلية التي من أحكام الملك واقعا هي الحلية الواقعية لا الظاهرية ولا الأعم.
والتحقيق أن ملكية المذكى الواقعي محققة لموضوع الاشتباه، كما أن الميتة الواقعية أيضا دخيلة في ذلك، وكذلك الاختلاط بينهما. وأما الحلية الظاهرية فهي مجعولة على المشتبه بما هو كذلك، لا من آثار الواقع، ضرورة عدم امكان تعدي