واحتمال كون الراوي الصيقل مخالف للظاهر جدا، سيما مع قوله في ذيلها:
وكتب إليه، فلو كان الراوي الصيقل لقال وكتبت إليه. وليس في السند من يتأمل فيه، إلا أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ومحمد بن عيسى بن عبيد، وهما ثقتان على الأقوى. والمظنون لولا المقطوع به: أن قوله: نعمل السيوف مصحف عن قوله نغمد السيوف، فإنهما شبيهتان كتابة في العربية، والشاهد عليه أولا رواية القاسم الصيقل (1) الظاهر أنه ابن أبي القاسم، قال كتبت إلى الرضا عليه السلام أني أعمل أغماد السيوف من جلود الحمر الميتة، فتصيب ثيابي فأصلي فيها، فكتب إلى اتخذ ثوبا لصلاتك، فكتبت إلى أبي جعفر الثاني أني كنت كتبت إلى أبيك بكذا وكذا فصعب ذلك على فصرت أعملها من جلود الحمر الوحشية الذكية، فكتب (ع) إلى كل أعمال البر بالصبر يرحمك الله، فإن كان ما تعمل وحشيا ذكيا فلا بأس.
فإن الظاهر أن المكاتبة المشار إليها في هذه الرواية هي المكاتبة المتقدمة حيث كان ولد أبي القاسم من جملة المكاتبين، واحتمال كون القاسم الصيقل غير ابن أبي القاسم الصيقل بعيد. وثانيا أن عمل السيوف بمعنى صنعتها، (كما هو الظاهر من عملها) أو بمعنى تصقيلها، عمل مستقل كان في تلك الأزمنة في غاية الأهمية، وهو غير عمل تغميدها الذي كان مباينا لهما، ومن البعيد قيام شخص بعملها معا في ذلك العصر. ويشهد له قوله: ليست لنا معيشة ولا تجارة غيرها، ونحن مضطرون إليها، فأية معيشة وتجارة أعظم من صنعة السيوف في تلك الأزمنة أزمنة الحروب السيفية: عصر الصيف، وأي احتياج لصانع الصيف إلى عمل الجلود. فلا شبهة في أن أبا القاسم وولده بحسب هذه الرواية كان عملهم أغماد السيف، وإنما سألوا عن بيع الميتة وشرائها وعملها ومسها، وحملها على بيع السيوف لا بيع الجلود (كما صنع شيخنا الأنصاري) (2) طرح للرواية الصحيحة الصريحة.
نعم في رواية عن أبي القاسم الصيقل (3) قال كتبت إليه أني رجل صيقل، اشترى