بيعها ويكون ثمنها سحتا إذا بيعت للأكل ونحوه مما لا يجوز الانتفاع بها.
ويؤيد ذلك رواية أبي مخلد السراج (1) قال كنت عند أبي عبد الله (ع) إذ دخل عليه معتب (2) فقال بالباب رجلان، فقال أدخلهما فدخلا. فقال: أحدهما إني رجل سراج أبيع جلود النمر، فقال: مدبوغة، قال نعم، قال لا بأس، لقوة احتمال أن تكون جلود النمر للميتة، لبعد ذكيته، واشعار قوله مدبوغة بذلك، أو دلالته عليه، وذكر الدباغ لا يدل على صدورها تقية، لعدم الحكم بطهارتها أو صحة الصلاة فيها.
ولعل الدباغة دخيلة في الحكم، أو في رفع الكراهة، وتؤيده صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (3) قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفراء اشتريه من الرجل الذي لعلى لا أثق به، فيبيعني على أنها ذكية، أبيعها على ذلك، فقال: إن كنت لا تثق به فلا تبعها على أنها ذكية، إلا أن تقول قد قيل لي إنها ذكية. فإن مقتضى اطلاقها جواز الاشتراء والبيع، وإن كان الرجل مجهول الحال، ولم يكن في سوق المسلمين، إلا أن يقال: بكونه بصدد بيان حكم آخر وهو جواز الشهادة بمجرد قول البايع، مع عدم وثاقته، فاطلاقها مشكل بل ممنوع وكيف كان فلا بأس بالجمع المذكور، ولا يبعد حمل الأخيرة على ذلك أيضا، لأن الانتفاع المتعارف من الأليات هو الأكل، وأما الإذابة للاسراج فمن المنافع النادرة الغير المتداولة، فالنهي عن بيعها لعله لأجل المنفعة المتعارفة التي كانت البيوع لها.
وإن شئت قلت: إنها منصرفة عن البيع للمنفعة النادرة، فالجواز مطلقا للمنافع المحللة لا يخلو من قوة، وقد استقصينا سابقا كلمات القوم، وقلنا: بأن الظاهر منهم جواز البيع وسائر الانتقالات مع جواز الانتفاع، إذا كان النفع عقلائيا موجبا لمالية الشئ فراجع.