وآية ذلك أن مجموعة التشريعات النافذة في الأردن تغطي بالكامل حاجة الأردن كمجتمع وكدولة من الأحكام، فما من قضية على الإطلاق تعرض في محاكم الأردن إلا ولها حكم قانوني، وما من تصرف يقوم به الشخص سواء أكان طبيعيا أو اعتباريا إلا وله حكم في القانون، وكذلك الأمر في كل الدول العربية، ودول العالم الثالث، والدول الكبرى، وأي دولة في العالم كله على الإطلاق، مع أن هذه التشريعات وضعية ومن صنع البشر، والقضاة والحكام لا يحتاجون للاجتهاد إلى ملكات خاصة وقدرة فنية معينة، فهل معنى ذلك أن التشريعات الوضعية أكثر شمولية وكمالا من التشريع الإلهي؟
كيف نشأ الاجتهاد كانت مهمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منحصرة ببيان القرآن، وتكوين قيادة سياسية مثلي وأمة مثلي تضع تحت تصرف الجنس البشري نموذجا أمثل للحكم الإلهي، وتسعى هذه القيادة ومن ورائها الأمة لتعميم هذا النموذج على الجنس البشري كله، وعبر دعوة دامت 13 عاما قادها النبي بنفسه، تمخضت عن دولة ترأسها النبي بنفسه ودامت عشرة سنوات ونقل الإسلام من الكلمة إلى الحركة.
وانتهت مهمة النبي بعد أن بين كتاب الله، ووضع تحت تصرف الجنس المنظومة الحقوقية الإلهية كاملة غير منقوصة، وهي تتكون من مقطعين: نبي الله بذاته، وقوله، وفعله وتقريره. وكتاب الله المنزل عليه. وكل شئ على الإطلاق مبين، ومضبوط، ومحدد تحديدا دقيقا، وهذه المنظومة هي بمثابة القوانين النافذة في المجتمع، ولأن عملية بيان القرآن واستخراج الأحكام وتطبيقها عمليات فنية واختصاص، فقد عين النبي بأمر من ربه هذه الجهة المختصة بالبيان واستخراج الأحكام وتطبيقها، وقدمها للأمة على أنها الأفضل، والأعلم، والأفهم بالمقاصد الشرعية والأخلص لدين الله، والأرأف بخلق الله، وتلك أمور خفية لا يعلمها إلا الله، وحتى لا يساور العباد شك، فقد جعل الصلاة على هذه الفئة جزءا من الصلاة المفروضة، فلا تقبل صلاة مسلم