نعم، يعتبر شرعا كون الامساك عنها في الزمان الخاص، وهذا هو الظاهر من قوله تعالى: (ثم أتموا الصيام إلى الليل) (1) فإن ظاهره أخذ الزمان ظرفا وخارجا عن ماهيته.
أقول: لا شبهة في أن لفظ الصوم كسائر الألفاظ، موضوع للمعنى الأعم على ما تقرر (2)، ولكن ذلك لا يستلزم كون المعنى الأعم مرادفا للمعنى العرفي واللغوي، فيكون على هذا عند الشرع، موضوعا للمعنى الآخر الأعم من الصحيح والفاسد، كما هو الظاهر والواضح، وعليه لا بد من التفتيش عما هو داخل في حقيقته وما هو لاحق بها شرعا وشرطا.
والذي هو الأظهر عندنا: أن الصوم ليس الزمان مقوما لماهيته، بل الزمان أمر لاحق بها، وشرط شرعي ملحق به.
ويدل عليه: صحة صوم من كان يريد السفر قبل الزوال، فإنه لو كان متقيدا في ماهيته بذلك، كان ينبغي أن يعد باطلا إذا بدا له البقاء في محله.
فما ترى من الفقيه الهمداني: من أن ترك الأصحاب تقييده بالزمان لوضوحه (3) في غير محله.
وأما من حيث قصد القربة، فهو أيضا مثل الزمان داخل في ماهية العبادة، لا في حقيقتها الشرعية، وتمام البحث حول ذلك في كتاب