فيكون الفرق بين كثير الشك وغيره في هذا الفرع هو أن غير كثير الشك يجلس ويحتاط بركعة بعد إتمام الصلاة، لرجوع شكه بعد الجلوس إلى الثلاث والأربع، وأما كتير الشك فليس عليه ركعة الاحتياط، ويمكن أن يكون نظر الشيخ في ذلك إلى أن أدلة الباب إنما تكون حاكمة على أدلة الشكوك، ولم يرد نص في الشك بين الأربع والخمس في حال القيام، بل يكون هذا الشك باعتبار الركعة السابقة مندرجا في أدلة الشك بين الثلاث والأربع، وكذا كان يجب عليه هدم القيام على ما تقدم تفصيله. فإذا كان هذا الشك مندرجا في أدلة الشك بين الشك والأربع والمفروض أن أدلة الباب حاكمة على أدلة الشكوك فلا بد من هدم القيام ليندرج في الشك بين الثلاث والربع ويتم صلاته بلا احتياط بمقتضى أدلة الباب، هذا.
ولكن الانصاف أن ذلك لا يخلو عن مناقشة. بل الذي يقتضيه أدلة الباب هو عدم الالتفات إلى الشك وفرضه كعدمه، وحينئذ ينبغي له أن ببني على الأربع ويتم صلاته من دون أن يهدم قيامه، فإن ذلك معنى المضي المأمور به في المقام المقابل للوقوف، بل هدم القيام يوجب الاعتناء بالشك في الجملة، لأن هدم القيام إنما هو لارجاع الشك إلى الشك بين الثلاث والأربع، وهذا هو بنفسه اعتناء للشك.
ودعوى: حكومة أدلة الباب على أدلة الشكوك فلا بد من هدم القيام، ليكون هذا الشك مشمولا لأحد الأدلة: مدفوعة بأن الحكومة إنما تكون فيما إذا كان الشك بنفسه مشمولا لأحد الأدلة، وأما إذا لم يكن بنفسه مشمولا وكان الشك هو فرض الشك كعدمه، فيكون ما نحن فيه كمن لم يشك بين الأربع والخمس، وحكمه ليس إلا البناء على الأربع وإتمام صلاته. ثم إنه لو سلمنا أنه