وتوهم أنه لا يمكن الاحتياط في المقام لدوران الأمر بين المحذورين، لأن المأموم في المثال يدور أمره بين البناء على الثالث لمكان احتمال اندراجه في أدلة الباب، وبين البناء على الأربع لاحتمال اندراجه في أدلة الشك، فلا يمكنه الاحتياط، ضعيف إن ذلك فيما تساوى الاحتمالان، والمقام ليس كذلك، لقوة احتمال اندراج ما نحن فيه في أدلة الباب من الرجوع إلى الرابطة، لأنه يمكن منع الانصراف وأنه بدوي لا عبرة به. فلا ينبغي التأمل في أن مقتضى الاحتياط ما ذكرناه.
الأمر العاشر: هل يلحق الشك بالأفعال بالشك في الركعات من حيث الرجوع إلى الحافظ أو لا يلحق؟ الحق فيه التفصيل، فإنه تارة يكون الشك من أحدهما لأجل احتمال التخلف عن الآخر لموجب من زحام أو غيره، وأخرى يكون لأجل احتمال ترك الآخر الجزء المشكوك مع علمه بعدم التخلف وملازمته للآخر في الأفعال، مثلا لو شك المأموم في السجدة الأخيرة مع حفظ الإمام لها وعلمه أو ظنه بفعلها، فتارة يكون شك المأموم في السجدة لاحتمال تخلفه عن الإمام وأنه منعه الزحام مثلا عن السجود مع الإمام، وأخرى لا يحتمل ذلك بل يكون شكه في السجدة لاحتمال عدم فعل الإمام لها نسيانا.
فإن كان شكه على الوجه الأول فليس له الرجوع إلى حفظ الإمام بل يعمل ما يقتضيه شكه من فعل السجدة إذا كان في المحل، لأنه لا دليل على الرجوع في مثل هذا بعدما كانت أدلة الباب مختصة بالشك في عدد الركعات. حيث إن المراد من قوله " لا سهو للإمام (1)... إلخ " هو نفي عمل السهو من ركعات الاحتياط على ما تقدم تفصيله. وهو مختص بالشك في عدد الركعات.