أكثر من رفع المنع من الترك أو المنع من الفعل. وفي المقام لما كان مقتضى القاعدة لزوم العمل على ما يقتضيه الشك من التدارك في المحل، وكان المكلف ملزما بذلك. فالأمر بالمضي في هذه الأخبار لا يقتضي أزيد من رفع الالزام، وأما وجوب المضي فلا يستفاد من ذلك. ونظير هذا الكلام قد صدر من بعض في مثل " لا ضرر " و " لا حرج " حتى أفتى أن مقتضاهما ليس إلا الرخصة لا العزيمة، هذا.
ولكن لا يخفى عليك فساد ذلك فإن البحث عن الرخصة والعزيمة إنما يكون في الأوامر والنواهي النفسية التي لا يستتبعها الوضع، كالأمر الوارد عقيب الحظر والنهي الوارد عقيب الأمر. وأما في مثل المقام الذي تكون أدلته حاكمة على أدلة الشكوك فلا معنى لكون الحكم رخصة، وإذ معنى الحكومة رفع جزئية ما شك في فعله، ومعه كيف يجوز له الاتيان مع أنه يلزم زيادة عمدية.
وبالجملة: لا مجال للبحث عن الرخصة والعزيمة في الأدلة الحاكمة، كأدلة نفي الضرر والحرج وأدلة الباب وما شابه ذلك، فإن مقتضى حكومتها هو رفع الحكم الثابت بالأدلة الأولية، ومن هنا نقول: إنه لا يجوز له الوضوء في مورد الضرر ويبطل وضوؤه لو خالف. ففي المقام مقتضى قوله " فليمض " هو عدم الاعتناء بشكه وأن الحكم المجعول الشك لم يكن بالنسبة إلى كثير الشك، ومع ذلك كيف يجوز المخالفة والاعتناء بالشك من فعل المشكوك، وهل هو إلا زيادة عمدية مبطلة. فالانصاف أن مقالة الشهيد - رحمه الله - أيضا مما لا يمكن المساعدة عليها.
وأما مدرك مقالة المحقق الثاني وهي القول بالتخيير بين البناء على الأقل والأكثر فلم نعرفه، إذ لا موجب للبناء على الأقل، أن يقال: إن أخبار الباب إنما تكون حاكمة على أدلة البناء، فأخبار البناء على الأكثر ساقطة، والأمر