وبين ما إذا كانت الخصوصية داخلة في المؤدى، فإن الأول يكون من الأصل المثبت، بخلاف الثاني. والمقام يكون من هذا القبيل فإنه لو شك بين الثلاث والأربع وعلم أنه على تقدير كونها أربعا قد ركع لها، فيكون أحد طرفي الشك متخصصا بخصوصية كذائية، ويرجع شكه في الحقيقة إلى الشك بين الثلاث والأربع التي ركع لها، ومقتضى البناء على الأربع هو البناء على الأربع التي شك فيها، وليست الأربع التي شك فيها إلا الأربع التي ركع لها، فيكون الركوع مؤدى نفس البناء على الأكثر، ولا تجري فيه قاعدة الشك في المحل، لمحكوميتها بقاعدة البناء على الأكثر كما لا يخفى. وهذا بخلاف ما إذا لم يكن العلم داخلا في أحد طرفي شكه كما لو علم أنه لو كانت رابعة فقد فات منه ركوع الركعة السابقة، فإن في مثل هذا لا يمكن أن يقال: إن أحد طرفي شكه هو الرابعة التي قد فات منها ركوع الركعة السابقة، لأن ركوع الركعة السابقة لا ربط له بالركعة الرابعة، فلا ترجع الخصوصية إلى أحد طرفي الشك حتى تقع في مؤدى الأصل بل تكون اللوازم.
فظهر أنه يمكن القول في المقام بعدم فعل الركوع، وعدم جريان قاعدة الشك في المحل، هذا أولا.
وثانيا: على فرض جريان قاعدة الشك في المحل، ولزوم فعل الركوع مع البناء على الأكثر لا يلزم منه محذور، لأن غاية ما يلزم أنه يعلم إجمالا إما بزيادة ركوع في الصلاة على تقدير أن تكون ما بيده رابعة، وإما بنقصان ركعة على تقدير كون ما بيده ثالثة، ولكن هذا العلم الاجمالي مما لا أثر له، وذلك لأن نقصان الركعة مع كونه شاكا فيها مما لا يوجب شيئا سوى ركعة الاحتياط، لما تقدم من أن المستفاد من أدلة الشكوك في باب الصلاة هو التنويع الواقعي، وأن الشاك قد تبدل تكليفه الواقعي إلى العمل بالاحتياط، وأن المطلوب منه واقعا هو ذلك. فلا أثر لنقصان صلاته مع كونه شاكا، فأحد طرفي العلم الاجمالي مما لا أثر له.