مع أن زيادة المؤمن - من جهة كونه مؤمنا فحسب - عظيم الأجر جزيل الثواب، وقد ورد به الحث والتوكيد والترغيب الشديد من الشريعة الطاهرة، ولذلك كثر تردد الأحياء إلى قبور أمواتهم للزيارة، وتعارف ذلك بينهم، حتى صارت لهم سنة طبيعية، وأيضا قد ثبت وتقرر جلالة قدر المؤمن عند الله، وثواب صلته وبره وإدخال السرور عليه. وإذا كان الحال في المؤمن من حيث أنه مؤمن فما ظنك بمن عصمه الله من الخطأ، وطهره من الرجس، وبعثه الله إلى الخلائق أجمعين، وجعله حجة على العالمين، وارتضاه إماما للمؤمنين، وقدوة للمسلمين، ولأجله خلق السماوات والأرضين، وجعله صراطه وسبيله، وعينه ودليله، وبابه الذي يؤتى منه ونوره الذي يستضاء به، وأمينه على بلاده، وحبله المتصل بينه وبين عباده، من رسل وأنبياء وأئمة وأولياء.
ثم، الأخبار الواردة في فضيلة زيارة النبي والأئمة - عليهم السلام - مما لا تحصى كثرة. قال رسول الله (ص): (من زار قبري بعد موتي.
كان كمن هاجر إلي في حياتي، فإن لم تستطيعوا فابعثوا إلي بالسلام، فإنه يبلغني) وقال (ص) لأمير المؤمنين (ع): (يا أبا الحسن، إن الله تعالى جعل قبرك وقبر ولدك بقاعا من بقاع الجنة، وعرصة من عرصاتها، وإن الله جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوة من عباده، تحن إليكم، وتحتمل المذلة والأذى فيكم، فيعمرون قبوركم، ويكثرون زيارتها، تقربا منهم إلى الله، ومودة منهم لرسوله، أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي، والواردون حوضي، وهم زواري وجيراني غدا في الجنة. يا علي، من عمر قبورهم وتعاهدها، فكأنما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس، ومن زار قبوركم عدل ذلك سبعين حجة بعد حجة الإسلام، وخرج من ذنوبه حتى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمه. فأبشر، وبشر، أولياءك ومحبيك من النعيم وقرة العين، بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ولكن حثالة من الناس يعيرون زوار قبوركم، كما تعير الزانية بزناها، أولئك شرار أمتي، لا تنالهم شفاعتي، ولا يردون