(ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) (56).
ولا شرع نبيه (ص) سنة في خلال المناسك على ترتيب ما شرعه، إلا للاستعداد والإشارة إلى الموت والقبر والبعث والقيامة، وفضل بيان السبق من دخول الجنة أهلها ودخول النار أهلها، بمشاهدة مناسك الحج من أولها إلى آخرها، لأولي الألباب وأولي النهى) (57).
خاتمة زيارة المشاهد في الإشارة إلى بعض الأمور الباطنة المتعلقة بزيارة المشاهد.
إعلم أن النفوس القوية القدسية، لا سيما نفوس الأنبياء والأئمة - عليهم السلام -، إذا نفضوا أبدانهم الشريفة، وتجردوا عنها، وصعدوا إلى عالم التجرد، وكانوا في غاية الإحاطة والاستيلاء على هذا العالم، فأمور هذا العالم عندهم ظاهرة منكشفة، ولهم القوة والتمكن على التأثير والتصرف في مواد هذا العالم، فكل من يحضر مقابرهم لزيارتهم يطلعون عليه، لا سيما ومقابرهم مشاهد أرواحهم المقدسة العلية، ومحال حضور أشباحهم البرزخية النورية، فإنهم هناك يشهدون.
(بل أحياء عند ربهم يرزقون) (58).
وبما آتاهم الله من فضله فرحون. فلهم تمام العلم والاطلاع بزائري قبورهم، وحاضري مراقدهم، وما يصدر عنهم من السؤال والتوسل والاستشفاع والتضرع، فتهب عليهم نسمات ألطافهم، وتفيض عليهم من رشحات أنوارهم، ويشفعون إلى الله في قضاء حوائجهم، وإنجاح مقاصدهم، وغفران ذنوبهم، وكشف كروبهم. فهذا هو السر في تأكد استحباب زيارة النبي والأئمة - عليهم السلام - مع ما فيه من صلتهم وبرهم وإجابتهم، وإدخال السرور عليهم، وتجديد عهد ولايتهم. وإحياء أمرهم، وإعلاء كلمتهم، وتبكيت أعدائهم. وكل واحد من هذه الأمور مما لا يخفى عظيم أجره وجزيل ثوابه. وكيف لا تكون زيارتهم أقرب القربات، وأشرف الطاعات