بتطهيرها، وتعبدك بآدابها في فرائضه وسنته فإن تحت كل واحدة منها فوائد كثيرة، فإذا استعملتها بالحرمة انفجرت لك عيون فوائده عن قريب.
ثم عاشر خلق الله تعالى كامتزاج الماء بالأشياء، يؤدي كل شئ حقه، ولا يتغير عن معناه، معتبرا لقول الرسول (ص): (مثل المؤمن الخالص كمثل الماء). ولتكن صفوتك مع الله تعالى في جميع طاعاتك كصفوة الماء حين أنزله من السماء وسماه طهورا، وطهر قلبك بالتقوى واليقين عند طهارة جوارحك بالماء) (10) ومن الأسرار الواردة في الطهارة وتخصيص بعض الأعضاء بالتطهير في الوضوء، ما أشار إليه مولانا الرضا (ع) بقوله: (إنما أمر بالوضوء ليكون العبد طاهرا إذا قام بين يدي الجبار عند مناجاته إياه مطيعا له، فيما أمره، نقيا من الأدناس والنجاسة، مع ما فيه من ذهاب الكسل، وطرد النعاس، وتزكية الفؤاد للقيام بين يدي الجبار. وإنما وجب ذلك على الوجه واليدين والرأس والرجلين، لأن العبد إذا قام بين يدي الجبار، فإنما ينكشف من جوارحه ويظهر ما يحب فيه الوضوء، وذلك أنه بوجهه يسجد ويخضع، وبيده يسأل ويرغب ويرهب ويتبتل، وبرأسه يستقبل في ركوعه وسجوده، وبرجليه يقوم ويقعد. وأمر بالغسل من الجنابة دون الخلاء، لأن الجنابة من نفس الإنسان، وهو شئ يخرج من جميع جسده والخلاء ليس هو من نفس الإنسان، إنما هو غذاء يدخل من باب ويخرج من باب) (11)