من المدعي ومثل حلف المنكر المستند إلى براءة الذمة في مقابل دعوى الاشتغال فلا إشكال بل لا خلاف يعتد به في عدم الاكتفاء بهما لان اعتبارهما تابع لاعتبار الأصل المستند إليه ومعلوم انه ليس بمعتبر في مقابل الدعوى إذ لو بنى على اعتباره وجواز الحلف عليه لزم عدم سماع الدعوى فيما إذا قابلها أصل من - الأصول وهو خلاف الاجماع والاخبار وأيضا ربما يكون المدعي معترفا بشك المنكر ومصدقا للأصل الذي استند إليه في حلفه فكيف يكون هذا كافيا في ردعه وقد عرفت بعض الكلام فيه أيضا سابقا فراجع و تأمل فيه.
فإن قلت لو بنى على عدم الاكتفاء باليمين المستندة إلى الأصل إذا قوبلت بدعوى من المدعي لزم القول بعدم سماع اليمين من المنكر أصلا للعلم الاجمالي باستنادها إلى أصل من الأصول والمفروض معارضته بدعوى - المدعي في جميع الأوقات ونتيجته عدم الاكتفاء باليمين من المنكر أصلا وهو أيضا خلاف السيرة المستمرة بين الفرقة الناجية بل الهالكة ومستلزم لوقوع المنكر في المضار الكثيرة المنفية في الشريعة السمحة فالتفصي عن اشكال الاستناد إلى الأصل في اليمين على النهج المذكور والتفصيل المزبور مما لا يسمن ولا يغني من جوع لبقاء الاشكال معه قطعا.
قلت لا يلزم مما ذكرنا القول بعدم سماع اليمين من المنكر أصلا وفي جميع الموارد بيان ذلك أنه قد يدعي المدعي ملكية شئ أو اشتغال ذمة المنكر بشئ بسبب خاص كبيع وهبة وقرض وأمثالها فينكر المنكر المدعى به على النهج المذكور قاطعا بعدم بيع المال مثلا بالمدعى وعدم الاقتراض منه أصلا وان احتمل كونه مالا للمدعي بسبب لا يدعيه المدعي أصلا أو احتمل اشتغال ذمته للمدعي بغير السبب الذي يدعيه فيعتمد في نفي الاحتمالين إلى الأصل ومعلوم عدم معارضته بدعوى المدعى المبتنية على السبب الخاص ففي هذه الصورة لا ريب في جواز استناده في الحلف على الأصل إذا كان عالما بنفي السبب الخاص الذي هو المبنى لدعوى المدعي لعدم معارضة الأصل الذي له مدخل في اليمين بدعوى المدعي أصلا وهذا مما لا إشكال فيه ومثله في عدم الاشكال في طرف عدم الجواز الحلف في الصورة المفروضة مع الشك في وجود السبب الذي يدعيه المدعي مستندا إلى أصالة عدمه لمعارضتها بالدعوى من المدعي وإنما الاشكال فيما لو ادعى المدعي ملكية شئ أو اشتغال ذمة المنكر بشئ من غير استناد إلى السبب الخاص مثل أن يقول هذا ملكي أو أنت مشغول الذمة لي بمئة دينار مثلا فهل يجوز الاستناد إلى الأصل في اليمين على نفي الدعوى أم لا فيه تفصيل.
بيان ذلك أنه قد ينكر المنكر ما ادعى عليه ويحلف على البت لكن لا نعلم أن مستند حلفه هو العلم أو الأصل ففي هذه الصورة لا إشكال قد حمل كلامه على الواقع لكن الفرض نادر جدا كما أن فرض العلم باستناد حلفه إلى العلم أندر منه وقد ينكر ويحلف على ما أنكر ونعلم أنه مستند إلى الأصل فحينئذ إما أن نعلم أنه استند إلى الأصل في نفي فعل نفسه أو نعلم أنه استند إلى الأصل في نفي فعل غيره وان ضمه إلى القطع بنفي فعل نفسه وحلف على عدم الاشتغال وإما أن لا نعلم أحدهما بالخصوص فإن كان الأول فلا إشكال في الحكم بعدم كفاية اليمين منه لكون أصله مقابلا بالدعوى وإن كان الثاني فلا إشكال أيضا في الحكم بالكفاية لعدم كون الأصل في نفي فعل الغير مقابلا بالدعوى وإن كان الثالث ففيه إشكال من حصول العلم إجمالا بكون حلفه مستندا إلى الأصل وعدم وجود المعين لاستناده في نفي فعل نفسه إلى الأصل أو في نفي فعل غيره إليه ومن أن هذا الترديد لا ثمرة له بعد دورانه بين ما هو مضر وبين ما هو ليس بمضر قطعا كما تقرر في العلم الاجمالي وإن شئت قلت إن مقابلة الأصل بالدعوى مانعة عن جريانه