ويدل على هذا المبنى وجوه:
الأول: أن الأمر بالوضوء في الكتاب والسنة أمر مقدمي يفيد وجوبه للغير، وقد أشرنا في الأمر الأول إلى أن اللازم من هذا كون الوضوء في نفسه مقدمة للصلاة رافعا لمانعها وصيرورة هذا منشأ لوجوبه، وقد أشرنا إلى الجمع بين هذا وبين عدم كون الوضوء رافعا لمانع الصلاة إلا بعد تعلق الأمر به وإتيانه امتثالا لذلك الأمر، لكن المناسب لهذا الاستدلال الوجه الأول من وجهي الجمع المتقدمين (1)، فراجع.
ويؤيد ذلك: ما ورد في علة استحباب الوضوء للصلاة من قول أبي الحسن الرضا عليه السلام: " وإنما أمر بالوضوء وبدئ به لأن يكون العبد طاهرا إذا قام بين يدي الجبار [عند مناجاته] (2) إياه مطيعا له فيما أمره نقيا من الأدناس والنجاسة مع ما فيه من ذهاب الكسل وطرد النعاس [وتزكية الفؤاد للقيام] (3) بين يدي الجبار " (4).
فإن الرواية ظاهرة، بل صريحة في أن رفع الحدث من قبيل الخاصية المترتبة (5) على ذات الوضوء وهو المنشأ للأمر به، فثبت أن ماهية الوضوء لما كانت رافعة للحدث أمر بها، لا أن الوضوء المأمور به لأجل الصلاة المأتي به لأجلها رافع.