محرما، لأن التوصل إلى دفع الضرر ولو بطلب المنزلة عند الناس وطلب مدحهم له لا دليل على تحريمه بل قد يجب، وظاهر الأخبار حرمة الرياء بقول مطلق، فالأجود تخصيص حقيقة الرياء بما هو ظاهر التعريف الأول من طلب المنزلة بتحصيل ما لم يكن حاصلا من المنافع المحرمة أو المباحة، فدفع الضرر من الضمائم الغير المحرمة وحكمه يعلم منها (1)، فما ذكره قدس سره في القواعد يحتاج إلى تأمل.
نعم، يبقى على ما ذكرنا طلب المنزلة عند الناس لتحصيل غاية راجحة كترويج الحق وإماتة الباطل بكلمته المسموعة، فالظاهر عدم دخوله في الرياء، لأن مرجعه إلى طلب المنزلة عند الله، ولو نوقش في الصدق منعنا حرمته، لأن عموم حرمة الرياء معارض بعموم رجحان تلك الغاية.
ثم إن السمعة - وهي أن يقصد بالعمل سماع الناس به فيعظم رتبته عندهم - من أفراد الرياء، وأما حب استماع الناس لعمله من دون أن يفعله لذلك فهو كحب رؤية الغير لعمله وسروره بذلك من دون أن يعمل لذلك مما ورد عدم البأس به، ففي حسنة زرارة: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يعمل العمل من الخير فيراه إنسان فيسره ذلك، فقال: لا بأس ما من أحد إلا وهو يحب أن يظهر له في الناس الخير إذا لم يكن يصنع ذلك لذلك " (2)، قوله: " ما من أحد " محمول على إرادة ذلك من حيث الفطرة والجبلة، أو على أن أكثر أفراد الإنسان لا يخلو عن ذلك، غاية الأمر أن المخلصين إنما يحبون ذلك لأغراض راجحة شرعا كما سيجئ، وغيرهم يحبه