بالأعلى لا يدل على الترتيب بين الأعضاء، بل خلو الوضوءات البيانية عن التعرض لما عدا المنع عن استقبال شعر اليدين ورد اليد إلى المرفق مشعر بل ظاهر في عدم وجوب أزيد من العكس في الغسل بعد الابتداء بالأعلى، فلا يبقى على تقدير عدم الاعتناء بالإطلاقات إلا قاعدة الاحتياط المقتضية للزوم إحراز الطهور بمقتضى ما تقدم من قوله عليه السلام: " لا صلاة إلا بطهور " (1) وهي لا تقاوم أدلة نفي الحرج.
فالقول بكفاية الترتيب بين معظم الأجزاء، بحيث يصدق عرفا الترتيب ولو ادعاء من باب المسامحة في الجزء اليسير - كما هو الشأن في كثير من المفاهيم التي يكتفى فيها بالتقريب دون التحقيق - لا يخلو عن قوة وإن كان مقتضى الأصول اللفظية البناء على التحقيق في مقام الصدق وعدم الاكتفاء بالمسامحة والتقريب، لكن قد يصير تعسر التحقيق كتعذره قرينة على كفاية التقريب.
ويمكن الاستدلال على عدم وجوب الترتيب بين أجزاء العضو بما رواه في العيون عن الرضا عليه السلام: " عن الرجل يبقى من وجهه إذا توضأ موضع لم يصبه الماء، قال: يجزيه أن يبله من بعض جسده " (2)، بناء على أنه وإن سلم ظهورها فيما يبقى الموضع بعد الفراغ، إلا أنه لمخالفة الإجماع يكون قوله: " إذا توضأ " على ما (3) إذا اشتغل بالوضوء، فيحمل على ما إذا لم يفت