ومن نظر في مساق العبارة المذكورة ولاحظ السرائر ظهر له - ولو بقرينة ما تقدم من دعوى (1) الإجماع على المنع - أن مراده بالطهارة المندوبة هي المأتي بها بنية الندب لصلاة النافلة ونحوها، والعبارة المذكورة بعينها ذكرها ابن زهرة في الغنية واستدل عليه أيضا بالإجماع، ثم ذكر أن من خالف في ذلك من أصحابنا فغير معتد به (2)، وربما يجعل هذه الفقرة قرينة على إرادة مطلق المندوب، نظرا إلى أنه لا خلاف بين أصحابنا ظاهرا في جواز الدخول في الفريضة بالوضوء المأتي به لصلاة النافلة، لكن الإنصاف: أن ظهور سياق كلامه فيما ذكرنا أقوى من ظهور هذه الفقرة فلاحظ.
ونظير إجماع الغنية والسرائر في الإيهام المذكور: ما في التذكرة والمنتهى، ففي الأول: يجوز أن يصلي بوضوء واحد جميع الصلوات فرائضها وسننها ما لم يحدث سواء كان الوضوء فرضا أم نفلا وسواء توضأ لنافلة أو لفريضة قبل وصول وقتها أو بعده مع ارتفاع الحدث بلا خلاف، أما مع بقاء الحدث فقولان سيأتي تحقيقهما (3)، انتهى.
وفي المنتهى: ويصلي بوضوء واحد ما شاء من الصلوات، وهو مذهب أهل العلم (4)، انتهى.
ولا يخفى أن مساقهما أجنبي عما نحن فيه.