ومنه يظهر: أن الأغسال ما عدا غسل الجنابة لا دليل على اتحاد حقائقها وإن اتحدت من حيث الإغناء عن الوضوء أو عدمه، لكن شارح الدروس استظهر الإطباق على كفاية بعضها عن بعض (1)، ولعل منشأ استظهار الإطباق ما استظهرناه من الوجه مما ذكرنا عن المعتبر والمنتهى وغيرهما من كفاية بعض الأغسال عن بعض إذا اشترك الكل في الإغناء عن الوضوء، فإن لازم ذلك الوجه اتحاد حقائق ما عدا غسل الجنابة، لأنها مشتركة إما في الإغناء عن الوضوء وإما في الحاجة إليه، فالكلام فيه نظير الكلام في كفاية غير غسل الجنابة عنه، والأقوى عدمه إلا أن يثبت ما استظهر من الإطباق أو ما ادعوه في الأخبار من الإطلاق.
الصورة الخامسة: أن يقصد غسلا مطلقا من دون إضافة إلى حدث ولا قصد استباحة الصلاة، ولا كلام في فساده، بناء على اعتبار رفع الحدث أو الاستباحة.
وأما على عدم اعتبارهما فالأقوى ذلك أيضا، لعدم العلم بكون أوامر الاغتسال يمتثل بذلك، لعدم ثبوت كونها حقيقة واحدة رافعة لحدث واحد نظير الوضوء، فلعلها متباينة كلية أو متصادقة يتوقف امتثالها على نية الجميع. نعم، لو ثبت إطلاق الأخبار لم يبعد القول بالصحة.
فتلخص مما ذكرناه في اجتماع الأغسال الواجبة: التداخل مع نية الجميع أو نية خصوص الجنابة على تأمل فيما إذا قصد عدم ما عداه، فالاحتياط في ترك هذا القصد لاحتمال إخلاله بالغسل، والأحوط أن يغتسل غسل الجنابة قاصدا لارتفاع ما عداه من الأحداث ثم الإتيان بالغسل الآخر احتياطا.