ومنها: ما دل (1) على أنها أوسع من باقي الأعذار، حيث إنها لا يعتبر فيها القدرة على التخلص من الضرر المخوف بالحيل والمعالجات، بل يعتبر خوف الضرر مع جري المكلف على ما يقتضيه العرف والعادة والدواعي النفسانية.
ومنها: ما دل (2) برجحان إظهار الموافقة لهم دفعا لشبهة التشيع، أو معاندة الشيعة معهم، فيشرع التقية مع الأمن من الضرر المترتب على تركها في القضية الشخصية، فيكون دفع الضرر حكمة لتشريع التقية، فلا تدور مداره في الوقائع الشخصية.
ولعل المستفاد منها - بعد التأمل في جميعها - ما ذكرنا، وهو أن التقية ليست كسائر الأعذار في اعتبار عدم المندوحة فيها ولا كالأحكام المبنية على الرخصة الملحوظ فيها الحرج حكمة للحكم لا علة، كالقصر في السفر واعتبار الظن في الصلاة ونحو ذلك، وحيث كان الأمر فيها أوسع من باقي الأعذار المسوغة للمحظورات فلا بد من الاقتصار على ما هو المتيقن من موارد الأخبار، وهي التقية من المخالف بإخفاء المذهب عنه، فالتقية عن الكفار أو ظلمة الشيعة حكمها حكم سائر الأعذار في اعتبار عدم المندوحة، بل وكذلك التقية بعدم إظهار العمل عندهم لمجرد كونه منكرا عندهم كما هو الغالب في هذه الأزمنة، حيث يعلمون مذهب الشيعة في الوضوء والسجود على التربة وغيرهما، وليس إخفاؤه عنهم لأجل تلبيس الفاعل عليهم موافقته لهم في الاعتقاد أو في خصوص الأعمال، وإنما هو لمجرد كون العمل