حال المكلف عدم الاعتقاد باستيفاء أفعال الوضوء بأسرها إلا بعد تحقق ذلك في الخارج، والغفلة والجهل المركب في الإنسان عارضان نادران - وهذا هو أيضا مراد المفيد قدس سره فيما تقدم من عبارة المقنعة - لا أن مجرد الاعتقاد دليل على المعتقد بعد زواله.
وبالجملة، فلا دليل على مراعاة الاعتقاد السابق بعد الشك اللاحق لو قلنا بها إلا ظاهر حال الفاعل، فظهر أن مؤدى ما حكاه الحلي أولا عن بعض الأصحاب، وما حكاه عنه أخيرا شئ واحد، وإن زعم الحلي مغايرتهما، وكون الثاني رجوعا عن الأول.
هذا كله، مع أن الدليل على اعتبار هذا الظاهر في غير مورد النص غير ظاهر، ومورد النص هو الشك بعد الفراغ من الوضوء، ومع الشك في الجزء الأخير لم يعلم الفراغ، وإثباته بالاعتقاد به في زمان لا دليل عليه، وإن سلمنا كون الظاهر عدم الاعتقاد إلا بعد تحقق المعتقد في الواقع، لكن لا دليل على اعتبار هذا الظهور، مع كونه ظهورا نوعيا لا يحصل معه الظن الشخصي في جميع الموارد.
وإنما أطلنا الكلام لما رأينا في (1) المقام من توهم غير واحد من الأعلام، اغترارا بما يتراءى من عبارة السرائر هنا (2) وفي باب الشك في السجود بعد ما قام (3): أن عدم نقض اليقين بالشك - بمعنى عدم رفع اليد عن الاعتقاد السابق عند طرو الشك في نفس ذلك المعتقد، والتردد بين صحة