الآية: ﴿ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم﴾ (1) ظاهر في أن مناط شرعية التيمم هو ثبوت الحرج والضيق في إتيان أفعال الوضوء المتقدمة سابقا، سواء كان لفقد الماء، أو التضرر في تحصيله، أو باستعماله في جميع الأعضاء أو بعضها على الوجه المعتبر من الغسل والمسح، أو مطلقا، فمحصل الآية الشريفة - بملاحظة صدرها وذيلها -: أنه كل ما كان في الإتيان بالأفعال المعهودة للوضوء حرج على المكلف وجب عليه التيمم، كما أن محصل أدلة " الميسور " و " ما لا يدرك ": أنه إذا تعذر الإتيان بجميع أفعال الوضوء وجب الإتيان ببعضها المتمكن، وحيث علم بالإجماع عدم اجتماع الطهارتين على مكلف واحد - خلافا لما تقدم عن الشافعي (2) - تعارضت الأدلة من الطرفين بالعموم من وجه، فيرجع في مادة الاجتماع إلى الاحتياط بالجمع بين الأمرين، لاستصحاب بقاء المنع عن (3) الدخول في الصلاة وعدم الإباحة.
هذا، ولكن مقتضى النظر الدقيق حكومة روايات " الميسور لا يسقط بالمعسور " وقوله: " ما استطعتم " على أدلة التيمم، لأن مفادها: أن ثبوت البعض الميسور على المكلف في زمان تيسر الكل ليس مقيدا ومنوطا بعدم تعسر شئ من الأجزاء حتى يسقط بتعسره، بل هو ثابت على كل حال.
وكذا قوله عليه السلام: " فأتوا منه ما استطعتم " الظاهر في اكتفاء الشارع بالمستطاع في امتثال الأوامر، فيكشف عن أن الأمر بكل مركب أمر بالمقدار