ويمكن دعوى انجبار ضعفها بتمسك العلماء بها قديما وحديثا، مع ما حررناه في مقام آخر من عدم قصور دلالتها.
فالإنصاف: أن الحكم بسقوط التكليف بالكل - لتعذر بعض أجزائه - بأصالة البراءة في مقابل هذه الأخبار في غاية الجرأة.
مضافا إلى ما قيل أو يقال من أن المقام مقام استصحاب الحال، لثبوت التكليف قبل التعذر، وهذا الاستصحاب وإن كان غير جار بمقتضى الدقة في تعيين موضوع المستصحب، إلا أن الظاهر من الأصحاب في بعض المقامات كفاية إحراز الموضوع ولو بالمسامحة العرفية، كما يستصحب كرية الماء الذي أخذ منه بعد العلم بكريته، فيقال: هذا الماء كان كرا ويشك في ارتفاع كريته، مع أن هذا الماء الموجود لم يعلم بكريته، فيراد من الماء في القضيتين هو القدر المشترك بين ما قبل الأخذ وما بعده، وكذلك يقال فيما نحن فيه: إن الوضوء كان واجبا قبل هذا العذر والأصل بقاؤه بعده، فيراد بالوضوء في القضيتين القدر المشترك بين ما قبل التعذر وما بعده، أو يراد من الوجوب في القضيتين مطلق الثبوت المشترك بين النفسي والغيري، فلا ينافي كون المتيقن سابقا هو الغيري، والمشكوك فيه لاحقا هو النفسي، ولذا أطلق عليه عدم السقوط في قوله: " الميسور لا يسقط " مع أن الوجوب الغيري السابق ساقط قطعا، والنفسي اللاحق لم يكن له ثبوت حتى يتصور فيه سقوط.
وأما ما ذكره (1) من عدم شمول آية التيمم لما نحن فيه، فهو حق بملاحظة قوله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا) إلا أن قوله تعالى في آخر