المشهور - من باب كون ترك الضد مقدمة لفعل المضيق، فيجب. والظاهر عدم جريان الأصل في مقدمة الواجب إذا كان الشك فيها مسببا عن الشك في وجوب ذيها، أو عن الشك في أصل وجوب المقدمة في المسألة الأصولية.
نعم يجري الأصل في صورة ثالثة، وهي ما إذا كان الشك في وجوب الشئ مسببا عن الشك في كونه مقدمة، كما إذا شك في شرطية شئ للواجب أو جزئيته له.
والسر في ذلك أن أصل البراءة إنما ينفي المؤاخذة على ما لم يعلم كونه منشأ للمؤاخذة، ويوجب التوسعة والرخصة فيما يحتمل المنع. وهذا إنما يتحقق في الصورة الثالثة، وأما في الصورتين الأوليين فلا يلزم من الحكم بوجوب المقدمة مؤاخذة عليها ولا منع ولا ضيق، حتى ينفي بأدلة البراءة الدالة على نفي المؤاخذة عما لم يعلم، وتوجب الرخصة فيه.
وثانيا: أن أصالة عدم حرمة الحاضرة معارضة بأصالة البراءة وعدم اشتغال الذمة بها.
وإن شئت فقل: إن الأمر دائر بين حرمة الحاضرة ووجوبها، فلا أصل، فتأمل.
وبمثله يجاب لو أريد بأصالة عدم الحرمة: استصحابه، بأن يقال: إنه يشك في أن الوجوب الحادث للقضاء كان على الفور حتى يوجب حرمة الحاضرة، أو على التوسعة حتى يبقى الحاضرة على حالها من عدم الحرمة، فالأصل بقاؤها.
فإن قلت: إنا نفرض ثبوت الوجوب للحاضرة في أول وقتها قبل تذكر الفائتة، فحينئذ نقول: الأصل بقاء وجوبها بعد التذكر.
قلت: قد عرفت أن تذكر الفائتة ليس محدثا لوجوبها، بل السبب له واقعا هو فوت الأداء، وإنما يرتفع بالتذكر، العذر المسقط للتكليف، وهو النسيان،