ادعى مدع الامتناع الشرعي فيما نحن فيه لأجل الحرمة المقدمية، فلا ينفى ادعاؤه بالاطلاقات، نعم ليطالب (1) في دعواه الحرمة المقدمية - الموجبة لعروض عدم الوجوب والامتناع الشرعي - بالاستدلال عليه، وهذا غير الاستدلال على نفي قوله بالاطلاقات، بل وجود الاطلاقات كعدمها، لانعقاد الاجماع والضرورة على أن الحاضرة - لو لم يمنع عن فعلها في أول الوقت مانع عقلي أو شرعي - متصفة بالوجوب والصحة، وهذا القدر كاف في صحة الحاضرة بعد ثبوت عدم المانع، ولو بحكم الأصل المتقدم، الدال على عدم الفورية الموجبة لطرو الحرمة على فعل الحاضرة.
نعم لو أنكر أحد سوق تلك الاطلاقات لمجرد بيان حكم الصلاة في نفسها على حد قول الشارع: الغنم حلال أو طاهر، في مقابل قوله: الكلب حرام أو نجس، وادعى سوقها لبيان التكليف وحمل المكلف في أول الوقت على الفعل، بحيث يظهر من إطلاق بعث المكلف على الفعل عدم كونه ممنوعا من طرف الأمر، صح التمسك (2) في كل مورد شك في فورية ما يزاحمها وانتفت الفورية عنه بحكم تلك الاطلاقات، وحكم من أجلها بعدم المانع الشرعي، وكان كلما ورد من الدليل على فورية شئ يتوقف على تأخر الحاضرة مقيدا لتلك الأدلة معارضا لها.
لكن المتأمل في تلك الاطلاقات - إذا أنصف - لا يجد من نفسه إلا ما ذكرنا أولا.
هذا كله إذا قيل بالترتيب من جهة الفورية، وأما إذا قيل به من جهة ورود الدليل على اشتراطه في الحاضرة، فيصير حاله كحال سائر الشروط المعتبرة في الصلاة، في أن وجوب الصلاة في أول الوقت إنما هو مع التمكن من فعلها جامعة للشروط، فإذا شك في شرطية شئ للصلاة كطهارة ما عدا موضع