حزم أو غيره أن يجد في شئ منها ان الشيعة الإمامية تستدل بالالهام وهي التي سنت للناس طرق النظر والاستدلال فهذه الفرية السخيفة قد أظهرت ان ابن حزم عديم الحياء مدخول العقل لا الشيعة.
أما قوله: ذوو أديان فاسدة فكيف يكون فاسد الدين من دخل مدينة العلم من بابها وائتم بمن هو مع الحق والحق معه يدور معه كيفما دار وأخذ معالم دينه عن أهل بيت نبيه الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا والذين أمر الرسول ص باتباعهم والاقتداء بهم وجعلهم بمنزلة القرآن لا يضل المتمسك به ولا بهم وبمنزلة باب حطة في بني إسرائيل من دخله كان آمنا وبمنزلة سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هوى، لا بالمقاييس والاستحسانات وآراء الرجال.
ثم قال وذكر عمرو بن بحر الجاحظ وهو وإن كان أحد المجان ومن غلب عليه الهزل وأحد الضلال المضلين لأنه معتزلي فانا ما رأينا له في كتبه تعمد كذبة وإن كان كثير الإيراد لكذب غيره قال اخبرني إبراهيم النظام وبشر بن خالد أنهما قالا لمحمد بن جعفر الرافضي المعروف بشيطان الطاق ويحك أ ما استحيت من الله إن تقول في كتابك في الإمامة إن الله لم يقل قط في القرآن ثاني اثنين إذ هما في الغار الآية فضحك والله ضحكا طويلا كانا نحن الذين أذنبنا.
ونقول: مؤمن الطاق الملقب شيطان الطاق اسمه محمد بن علي ابن النعمان ويوصف بالأحوال ويقال محمد بن النعمان ويكنى أبا جعفر وقد سماه ابن حزم محمد بن جعفر فمن لم يعرف اسمه كيف يعرف حاله وذكرنا في البحث الأول انه كان صيرفيا بطاق المحامل في الكوفة يرجع إليه في النقد فيخرج كما يقول فيقال شيطان الطاق لحذقه، وروي في عدة روايات عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ع أنه قال في أربعة نفر هو أحدهم: انهم أحب الناس إليه احياء وأمواتا، قال أهل الرجال في حقه:
كان كثير العلم حسن الخاطر وكان ثقة متكلما حاضر الجواب له كتب اه وله أجوبة مسكتة ومحاورات لطيفة مع الامام أبي حنيفة تدل على حضور جوابه وسعة علمه. ومن كان كذلك لا يمكن أن يدرج في كتابه أو يقول بلسانه أن هذه الآية ليست من القرآن، وكتبه معروفة عند الشيعة لو قال ذلك في بعضها لنبذوه وقدحوا فيه لأجله ولنقلوا ذلك عنه، ولكن ابن حزم بعد ما ظهر كذبه واختلافه في موارد كثيرة مما نقلناه وما ننقله نصرة لمزاعمه لا نستعبد منه هذه الفرية، والعجب منه كيف يستحل القدح في أعراض المسلمين بنقل من يعترف أنه من المجان وأنه ضال مضل، ولا عجب بعد ما عرفت وستعرف من استشهاده بالكذب والزور لترويج هواه، والظاهر أن ضحك مؤمن الطاق الطويل ان صحت الحكاية ولا نظنها صحيحة هو من كلام النظام وصاحبه كيف توهما أنه يقول ذلك.
ثم قال: قال النظام كنا نكلم علي بن ميثم الصابوني وكان من شيوخ الرافضة ومتكلميهم فنسأل أرأي أم سماع عن الأئمة فينكر أن يقوله برأيه فنخبره بقوله منها قبل ذلك فوالله ما رأيته خجل من ذلك ولا استحيى.
ونقول علي بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار صاحب أمير المؤمنين ع من أصحاب الإمام موسى الكاظم وابنه الرضا ع قال أهل الرجال في حقه أول من تكلم على مذهب الإمامية وصنف كتبا في الإمامة وكان من وجوه المتكلمين من الشيعة كلم أبا الهذيل العلاف والنظام اه وكيف يقبل قول النظام فيه وهو خصمه أم كيف يقبل ابن حزم قوله وهو ضال مضل عنده لأنه من شيوخ المعتزلة كالجاحظ، وقد قال ابن حزم في كتابه: كان إبراهيم بن سيار النظام أبو إسحاق البصري مولى بني بجير بن الحارث بن عباد الضبعي أكبر شيوخ المعتزلة ومقدم علمائهم يقول إن الله تعالى لا يقدر على ظلم أحد أصلا ولا على شئ من الشر وإن الناس يقدرون عليه فكان الناس عنده أتم قدرة من الله وهذا الكفر المجرد الذي نعوذ بالله منه اه فمن كان بهذه المثابة كيف يقبل نقله لكنه قبله لأنه وافق هواه، على أن تلك الحكاية ان صحت فهي مجملة لا ظهور فيها فكيف يستحل القدح في الناس بمثلها لولا قلة الحياء ورقة الدين.
قال: ومن قول الإمامية كلها قديما وحديثا أن القرآن مبدل، زيد فيه ما ليس منه كثير وبدل منه كثير حاشا علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وكان اماميا يظاهر بالاعتزال مع ذلك فإنه كان ينكر هذا القول ويكفر من قاله وكذلك صاحباه أبو يعلى ميلاد الطوسي وأبو القاسم الرازي.
ونقول: لا يقول أحد من الامامية لا قديما ولا حديثا إن القرآن مزيد فيه قليل أو كثير فضلا عن كلهم بل كلهم متفقون على عدم الزيادة، ومن يعتد بقوله من محققيهم متفقون على أنه لم ينقص منه ويأتي تفصيل ذلك عند ذكر كلام الرافعي، ومن نسب إليهم خلاف ذلك فهو كاذب مفتر مجترئ على الله ورسوله، والذين استثناهم وقال أنهم ينكرون الزيادة والنقصان في القرآن ويكفرون من قال بذلك هم أجلاء علماء الإمامية وإن كذب في دعوى التكفير الذي يكيله للناس في كتابه بالصاع الأوفى وقد تعود عليه قلمه ولسانه، وعلي بن الحسين المذكور في كلامه هو الشريف المرتضى علم الهدى ذو المجدين من أجلاء علماء الإمامية وأئمتهم ومشاهيرهم وأسقط من أجداده موسى بن محمد وإبراهيم، وقوله كان اماميا يظاهر بالاعتزال طريف جدا فالامامي كيف يكون معتزليا وكتاب الشافي للمرتضى هو رد على المغني للقاضي عبد الجبار من أشهر شيوخ علماء المعتزلة، لكن اعتاد جماعة ان ينسبوا جملة من محققي علماء الإمامية إلى الاعتزال بموافقتهم للمعتزلة في بعض المسائل كمسألة الرؤية والحسن والقبح ونحوهما وهذا خطا وغلط من قائله فالمعتزلة أقرب إلى من يسمون أهل السنة منهم إلى الشيعة لموافقتهم أياهم في أمر الخلافة وفي اخذ فروع الدين من الأئمة الأربعة وأما أبو يعلى ميلاد الطوسي فاسم محرف وصوابه أبو يعلى سلار ولكن وصفه بالطوسي خطا بل هو سلار الديلمي، وللمرتضى تلميذ آخر اسمه الشريف أبو يعلى محمد بن الحسن الجعفري، ومن تلامذة المرتضى الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ولكن ابن حزم لشدة تثبته حرف الاسم والوصف. أما أبو القاسم الرازي فالظاهر أنه محرف أيضا إذ لا نعلم في أصحاب المرتضى أحدا بهذا الاسم. وذكرنا في البحث الثامن أن الصدوق جعل من اعتقاد الامامية عدم النقص وعدم الزيادة في القرآن وبذلك علم أن كلام ابن حزم محض افتراء. على أن الاختلاف في بعض آيات القرآن كان موجودا في عصر الصحابة فقد قرأ ابن مسعود فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى، حكاه الطبري في تفسيره، ويأتي عند ذكر كلام ابن حزم قول بعض من يسمون أهل السنة بوقوع النقص في القرآن، واختلف المسلمون في البسملة هل هي جزء من السور فنفى ذلك الإمام أبو حنيفة وأثبته الإمام الشافعي وأئمة أهل البيت وقال علماء الأصول ما نقل آحادا