وأخذ زياد بن سمية بعد ما ولاه معاوية الكوفة رشيدا الهجري وكان من أصحاب علي ع فقال له ما قال لك صاحبك إنا فاعلون بك قال تقطعون يدي ورجلي وتصلبوني قال والله لأكذبن حديثه خلوا سبيله فأراد أن يخرج فقال زياد والله ما نجد له شيئا شرا مما قال له صاحبه افعلوا به ذلك فقال رشيد بقي لي عندكم شئ اخبرني به قال زياد اقطعوا لسانه قال رشيد الآن والله جاء التصديق.
وقال علي ع لجويرية بن مسهر والذي نفسي بيده لتعتلن إلى العتل الزنيم وليقطعن يدك ورجلك ثم تصلب فلما ولي زياد في أيام معاوية قطع يده ورجله ثم صلبه إلى جذع ابن معكبر. كما فعل مثل ذلك وأشد منه بميثم التمار.
وكان سعيد بن سرح شيعة لعلي بن أبي طالب ع فلما تقدم زياد الكوفة واليا عليها لمعاوية طلبه وأخافه فاتى سعيد الحسن بن علي ع مستجيرا به فوثب زياد على أخيه وولده وامرأته فحبسهم وأخذ ماله ونقض داره وكتب إليه الحسن ع فيه فاجابه بأقبح جواب حتى امره معاوية بتركه وخبره مشهور. ولهذا الذي ذكرناه وأمثاله: لما وصف معاوية بالحلم عند الحسن البصري قال وهل أغمد سيفه وفي نفسه على أحد شئ.
وجرى على الحسين بن علي ع وأنصاره من القتل الفظيع ومنع الماء وسبي الأطفال والنساء ورض الأجسام وحمل الرؤوس على الرماح ما هو معروف مشهور.
وجرى الامر على هذا المنوال في سائر ملك بني أمية وكان الرجل من الشيعة إذا حدث عن علي ع لا يجسر على ذكر اسمه فيقول حدثني أبو زينب وبلغ الحال من الضيق والشدة إلى أن منع أن يسمى أحد باسم علي أو الحسن أو الحسين ع.
ولما وفد زيد بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع على هشام بن عبد الملك جفاه وامر أصحابه ان يتضايقوا في المجلس حتى لا يجد مكانا يجلس إليه ولما دخل قال له في جملة كلامه: أخوك البقرة فقال له زيد سماه رسول الله ص باقر العلم وتسميه أنت البقرة لشد ما اختلفتما، اختلفتما في الدنيا ولتختلفان في الآخرة ثم خرج وهو يقول ما كره قوم حد السيف الا ذلوا وخرج إلى العراق فقتل ونبش بعد الدفن وقطع رأسه وأرسل إلى هشام وصلب منكوسا عاريا ثلاث سنين والجنود تحرسه حتى عشعشت الفاختة في جوفه ثم انزل وأحرق وذري في الفرات.
وقتل الحجاج سعيد بن جبير على التشيع وطلب سليم بن قيس الهلالي ليقتله لأنه من أصحاب علي ع فهرب إلى ناحية من ارض فارس ومات مستترا.
وطلب قنبرا مولى أمير المؤمنين ع فقال أنت مولى علي بن أبي طالب فقال الله مولاي وأمير المؤمنين علي ولي نعمتي قال أبرأ من دينه قال إذا فعلت تدلني على دين أفضل منه قال إني قاتلتك فاختر اي قتلة أحب إليك قال قد جعلت ذلك إليك قال لم قال لأنك لا تقتلني قتلة الا قتلك الله مثلها ولقد اخبرني أمير المؤمنين ع ان ميتتي تكون ظلما فامر به فذبح.
وطلب الحجاج كميل بن زياد صاحب أمير المؤمنين ع فهرب منه فحرم قومه عطاءهم فقال كميل انا شيخ كبير ولا ينبغي لي ان أحرم قومي عطاءهم فسلم نفسه للحجاج فقال له كنت أحب ان أجد عليك سبيلا فقال كميل لا تصرف علي انيابك فوالله ما بقي من عمري الا اليسير فاقض ما أنت قاض فامر بضرب عنقه فقتل.
وقتل يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بالجوزجان واحتز رأسه وبعث به إلى نصر بن سيار فبعثه الوليد إلى المدينة فجعل في حجر امه ريطة فنظرت إليه فقالت شردتموه عني طويلا وأهديتموه إلي قتيلا وكان عمره ثماني عشرة سنة وصلب بدنه على باب مدينة الجوزجان فلم يزل مصلوبا حتى جاءت المسودة.
ثم جاءت الدولة العباسية، فكان العباسيون أكثر تشددا على العلويين واضطهادا وظلما لهم ولشيعتهم من الأمويين، وكانت دولتهم عليهم أدهى وأمر كما قال الشاعر:
والله ما فعلت أمية فيهم * معشار ما فعلت بنو العباس وقال الأمير أبو فراس الحارث الحمداني:
ما نال منهم بنو حرب وإن عظمت * تلك الجرائم الا دون نيلكم وقال الشريف الرضي رضي الله عنه:
ألا ليس فعل الأولين وإن علا * على قبح فعل الآخرين بزائد وتظاهر ملوكهم بمذهب التسنن وأيدوه ونصروه وأدروا الأرزاق وأغدقوا الأموال على العلماء المنتسبين إليه وولوهم القضاء والفتوى وأعرضوا عن مذهب أهل البيت وتشددوا على من ينتسب إليه وأقصوهم وحرموهم وردوا شهادتهم وسجنوهم وساموهم الخسف والقتل، كل ذلك مراغمة للعلويين وخوفا منهم على الملك والخلافة لما رأوا من مكانتهم في قلوب الناس حتى أن إبراهيم بن هرمة الشاعر لما قال:
مهما ألام على حبهم * فاني أحب بني فاطمة بني بنت من جاء بالبينات * والدين والسنن القائمة وسئل عن قائلها قال قائلها من عض ببظر أمه فقال له ابنه أ لست أنت قائلها قال بلى قال أ تقول هذا عن نفسك فقال يا بني لأن يعض الرجل ببظر امه خير له من أن يأخذه ابن قحطبة.
وفعل المنصور ببني الحسن السبط الأفاعيل فحملهم من المدينة إلى الهاشمية بالعراق مقيدين مغللين وحبسهم في سجن لا يعرفون فيه الليل من النهار وإذا مات منهم واحدا ترك معهم ثم هدم السجن عليهم. ثم حمل الإمام جعفر بن محمد الصادق ع مرارا إلى العراق ووبخه وأراد قتله فنجاه الله منه.
وقتل دواد بن علي بن عبد الله بن العباس أمير المدينة في عهد المنصور المعلى بن خنيس مولى الإمام جعفر بن محمد الصادق ع بعد ما حبسه لأجل التشيع واستصفى ماله.
وروى الصدوق في عيون أخبار الرضا ع بسنده عن الحاكم أبي أحمد بن محمد بن إسحاق الأنماطي النيسابوري ان المنصور لما بنى الأبنية ببغداد جعل يطلب العلوية طلبا شديدا ويجعل من ظفر به منهم في الأسطوانات المجوفة المبنية من الجص والآجر الحديث.
واستتر عيسى بن زيد بن علي بن الحسين في الكوفة بعد مقتل محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن خوفا على نفسه من بني العباس وذلك في