اما دفع زكاتين زكاة النصاب الأول بعد مضي اثني عشر شهرا وزكاة النصاب الثاني بعد مضي ثمانية عشر شهرا فلا يلتزم به لقيام الدليل على عدم وجوب زكاتين في مال واحد في عام واحد. والذي يلتزم به المشهور هو الأول، وهم وإن لم يصرحوا بان المورد من موارد التزاحم لكنهم يلتزمون بما هو نتيجة جعل المورد من موارد التزاحم وهو تقديم الأسبق زمانا، فليس هذا المعنى أمرا مستبعدا جدا اما إدراجه في باب التزاحم فيقال فيه وجوه ولكنه يتضح بتمهيد مقدمتين:
المقدمة الأولى: ان التزاحم في نظر المحقق النائيني يتحقق بلحاظ رافعية أحد الحكمين اما بامتثاله أو بوجوده لموضوع الحكم الاخر، إذ يمتنع وصول كل منهما إلى مرحلة الفعلية والداعوية كما مر بيانه.
والمقدمة الثانية: ان نفي تحقق الشيئين تارة: يكون مفاده بيان عدم اجتماع الشيئين في الوجود من دون إفادة أخذ عدم أحدهما في موضوع الاخر، بل لأنظر له إلى ما هو موضوع كل منهما، نظير ما إذا قال المولى لعبده: " ان زيدا وعمرا لا يجوز أن يكون كلاهما في الدار بل أحدهما "، فإنه لا تعرض له إلى ما هو موضوع دخول كل منهما في الدار وانه في أي ظرف يجوز لأحدهما ذلك، بل هو انما يدل فقط على أن هذين الشخصين لا يجوز اجتماعهما في الدار.
وأخرى: يكون مفاده أخذ عدم أحدهما في موضوع الاخر كما إذا قال له: " - مع فرض وجود زيد في الدار - لا يجوز دخول عمرو، اوانه ما دام زيد في الدار يجوز دخول عمرو "، وهكذا العكس، فإنه يدل على أن عدم الموجود منهما مأخوذ في موضوع الاخر، فيكون وجوده رافعا لموضوع الاخر قهرا. بخلاف النحو الأول فان عدم الاجتماع لا يستلزم أخذ عدم أحدهما في موضوع الاخر والا كان عدم أحد الضدين مأخوذا في موضوع الضد الاخر وهو مما لا يلتزم به المحققون.
إذا عرفت ذلك فنقول: ان الدليل الدال على نفي تكرر الزكاة في العام الواحد في المال الواحد كان مفاده بالنحو الثاني من نحوي نفي اجتماع