التزاحم المبحوث عنه لا يختص البحث عنه بطائفة دون أخرى ولا يبتني على رأي دون آخر، فكما نبحث على رأي العدلية نبحث على رأي الأشاعرة أيضا (1).
وفي كلا الوجهين نظر..
اما الأول: فلان علاج التزاحم في صورة توارد الحكمين على موضوعين بيد المولى أيضا، والعقل طريق لتشخيص ما يحكم به المولى في هذه الصورة، فليس العقل هو المرجح لاحد الحكمين على الاخر، بل هو يستكشف رجحان أحدهما عند المولى فلا فرق بين الصورتين من هذه الجهة.
واما الثاني: فلانه إنما يتم لو أريد بالملاك المصلحة والمفسدة، فان الأشاعرة ينكرون ضرورة وجودها، ولكن المراد ليس ذلك، بل المراد ما يكون منشاء للحكم وهو الإرادة والكراهة أو المحبوبية والمبغوضية وهو مما لا ينكره الأشعري كما عرفت.
هذا ولكن التحقيق خروج هذه الصورة عن موضوع البحث، إلا أنه ليس لما افاده المحقق النائيني (قدس سره)، إذ عرفت ما فيه، بل لوجه آخر توضيحه: ان لفظ التزاحم لم يرد في آية أو رواية كي يبحث في تحقيق معنونه العرفي، وانما هو اصطلاح أصولي يطلقه الأصوليون على بعض موارد تنافي الحكمين بلحاظ ترتب آثار خاصة فيها، فلتحديد مورد تلك الآثار وتمييزه عن غيره من موارد تنافي الحكمين وفصله عنه يعبر عنه بالتزاحم إشارة إليه.
وهذه الآثار هي تقديم الأهم اما بنحو الترتب - لو قيل بامكانه - أو بدونه. والتخيير مع عدم الأهم، بمعنى الالزام بأحدهما بنحو التخيير نظير الواجب التخييري، بمعنى ان أحدهما يكون واجبا بنحو التخيير لا التعيين.