شرعيا كان كخصال الكفارة، أو عقليا، كالواجب الموسع، وكان الاخر واجبا تعيينا مضيقا كما إذا تزاحم وجوب أداء الدين مع الاطعام أو العتق الذي يكون احدى خصال الكفارة التخييرية، وكما لو تزاحم وجوب إنقاذ الغريق مع وجوب الصلاة في أثناء الوقت بحيث لا تفوت الصلاة بامتثاله فإنه في مثل هذه الحال يقدم الواجب التعييني على الواجب التخييري.
ووجه التقديم واضح وهو: ان الواجب التخييري لا اقتضاء له بالنسبة إلى خصوص الفرد المزاحم، لان المكلف مخير في مقام الامتثال بين افراد التخيير.
والواجب التعييني له اقتضاء ودعوة إلى خصوص ما فيه التزاحم، لان الامتثال منحصر فيه. ومن الواضح انه لا تزاحم بين ماله اقتضاء نحو شئ وبين مالا اقتضاء له نحوه، فيقدم ماله الاقتضاء على ما ليس له الاقتضاء.
هذا ما أفيد ولا يخفى ان هذا الوجه نتيجة نفي التزاحم بين الواجبين في هذه الصورة، لا انه وجه للتقديم مع فرض المزاحمة، إذ عرفت أن التزاحم هو التنافي في مقام الداعوية بحيث يمتنع ان يصل كلا الحكمين إلى مرحلة الفعلية والبعث، وهذا لا أثر له في هذه الصورة بعد ما عرفت من كون أحدهما لا اقتضاء له بالنسبة إلى خصوص مورد المزاحمة فالتفت.
الثانية: ما إذا كان لأحدهما بدل طولي، كالطهارة الحدثية المائية فان لها بدلا في طولها وهو التيمم، فلو تزاحم وجوبها مع وجوب ما ليس له بدل كالطهارة الخبثية بان كان هناك ماء لا يكفي لكلتا الطهارتين مع احتياجه إليهما لاجل الصلاة، قدم ما لا بدل له على ماله البدل. ولم يتعرض (قدس سره) لذكر وجه التقديم والمنقول في الأفواه في جهته وجه استحساني وهو: ان التقديم سيرة العرف باعتبار ان الامر إذا دار بين إهمال أصل المصلحة وتحصيل مصلحة أخرى بتمامها، أو بين تحصيل أصل المصلحة واهمال بعض المصلحة الأخرى كان الثاني هو المتعين ونتيجته تقديم ما لا بدل له على ما له البدل.