عن غيره، فيلزم ان تكون جميع الألفاظ معارف، بل الذي يستند إليه التعريف هو تعين المصداق والامتياز في مرحلة الانطباق بحيث يكون مصداق المعنى معينا في فرد خاص. فمثل: " رجل " في: " جئني برجل "، لا يكون معرفة لعدم التعين المقصود منه، وتردده بين افراد بلا تعين لأحدهما في الصدق. وهكذا اسم الجنس فإنه وان كانت افراده ممتازة عن غيرها، فافراد الانسان لها تعين، لكن لاحد لها، بل كل ما يفرض وجوده من الطبيعة يصدق عليه الانسان. فلها تعين من جهة دون أخرى. فسبب التعريف تعين المصداق والمنطبق خارجا وتحدده. وليس المراد به التعين عند المتكلم، وإلا لكان " رجل " في: " رأيت رجلا " معرفة لتعينه عند المتكلم، ولا عند السامع وإلا لكان: " زيد " في: " جاء زيد " نكرة إذا لم يعرفه السامع وكان مرددا بين اشخاص كل منهم مسمي بذلك. بل المراد التعين الواقعي وفي نفسه بحسب ما يدل عليه اللفظ له، فمتعلق الرؤية وان كان متعينا واقعا، لكن لا يستفاد المعين من اللفظ بنفسه ومجردا عن القرينة.
كما أن من أسباب التعريف التعين الذهني، كالمعهود في المعرف باللام، وأسماء الإشارة والضمائر، فان تعريفها باعتبار تعين معناها ذهنا وان كان ينطبق على الكثير كما إذا كان المرجع للضمير هو الكلي.
وعليه، فعلم الجنس يصير معرفة إذا كان موضوعا للطبيعة بقيد التعيين الذهني.
اما ايراد الكفاية على ذلك: بأنه يستلزم عدم الصدق على الخارجيات، لصيرورة المعنى أمرا ذهنيا فلا يصدق على الخارج الا بالتجريد، وهو مسامحة لا تلحظ في الاستعمال وجدانا، كما أنه خلاف الحكمة (1).
فيندفع: