وقد يستدل على كفاية الاستعلاء في تحقق الامر وعدم اعتبار العلو بتقبيح الطالب السافل من العالي وتوبيخه، وهو قد يقرب بوجهين:
أحدهما: ان نفس التوبيخ كاشف عن كون الطلب امرا، إذ أمر السافل العالي قبيح.
والاخر: اطلاق الامر على طلبه في مقام التوبيخ بقولهم: (لم تأمره؟)، فإنه كاشف عن كون طلبه أمرا، إذ الظاهر كون الاستعمال حقيقيا وبما له من المعنى لا مجازيا.
ولكن كلا الوجهين مدفوعان:
اما الأول: فلان التوبيخ لم يكن على الامر، بل على استعلائه على من هو أعلى منه واثبات ما ليس له من المقام لنفسه، لا على نفس الامر.
ومنه يتضح اندفاع الوجه الثاني، فان اطلاق الامر على طلبه جريا على اعتقاده وبنائه لا حقيقة. فان الطالب السافل يدعى لنفسه مقام الامر والامر.
فيجرى في مقام توبيخه على مجرى بنائه ويوبخ على ما هو أمر بنظره. كما يقال لمن يدعي الأعلمية وهو ليس كذلك: أيها الأعلم بين هذه المسألة بوضوح.
فلاحظ.
وأنت خبير بان تحقيق هذه الجهة لا اثر له أصلا، لان الامر الذي نبحث فيه ما يصدر من المولى جل شأنه وهو مستجمع للعلو والاستعلاء كما لا يخفى.
وانما تعرضنا لها تبعا لصاحب الكفاية فالدقة فيها غير لازمة.
وانما الامر الذي لا بد من التنبيه عليه: ان مطلق الطلب من العالي لا يسمى أمرا، وانما هو خصوص الطلب الصادر منه بحسب مقام مولويته أو علوه دون ما يصدر منه بغير لحاظ هذه الجهة، كالتماسات الملوك لإخوانهم أو لغيرهم لا بنحو الامر المستتبع لغضبهم وعقابهم، فإنها لا تسمى أوامر بلا اشكال.
الجهة الثالثة: قد عرفت أن الامر بمعنى الطلب من العالي، فهل هو