وما نحن فيه من هذا القبيل، فان اليقين متعلق بثبوت طبيعي العرض للجوهر والشك متعلق بثبوت حصة خاصة منه له، فليس هنا وجودان أحدهما متعلق لليقين والاخر للشك، بل وجود واحد حقيقة مشكوك فيه من جهة ومتيقن فيه من جهة أخرى. وتلخص ان تضاد صفتي اليقين والشك لا يستدعي إلا تعدد متعلقهما في أفق النفس، واما في الخارج عنه فقد يكون متعددا وقد يكون واحدا. انتهى كلامه كما جاء في تقريرات بحثه للفياض (1).
القول الثالث: - وهو ما اختاره المحقق العراقي - وقد أطال (قدس سره) في بيان دعواه، وحاصل اختياره: - بعد أن قرر التغاير الذاتي بين المعنى الاسمي والمعنى الحرفي، وأنكر على الرأي القائل باتحادهما في الذات والحقيقة، وان التغاير بينهما في مرحلة الاستعمال من جهة اللحاظ الاستقلالي واللحاظ الآلي - ان الحروف موضوعة للاعراض النسبية، وهي الاعراض المتقومة في وجودها إلى طرفين - كالأبوة والبنوة -، فلفظ (في) - مثلا - موضوعة للظرفية المتقومة بالظرف والمظروف، و (من) موضوعة للابتداء المتقوم بالمبتدأ والمبتدأ منه.
وأفاد: بان الموضوع إلى نفس الربط والنسبة هو الهيئة التركيبية دون الحروف، فإنها موضوعة إلى المعنى النسبي المعبر عنه في الاصطلاح بالوجود الرابطي.
وبذلك يندفع ما قد يرد من: ان المعاني الافرادية تحتاج في إفادة المعنى التركيبي الجملي إلى رابط بعضها ببعض، فإذا كان معنى الحرف نفس العرض النسبي احتاج الكلام إلى رابط يربط بعض اجزائه ببعض، لعدم صلاحيته للربط إذا كان معناه نفس العرض، فما الذي يكون الرابط إذن ان .