وظاهر ان هذه الدعوى لا محذور فيها ثبوتا ولا اثباتا، فتتعين لو كان غيرها ممتنعا، وسيتضح الحال شيئا فشيئا فانتظر.
ومن هذا البيان يظهر الاشكال في كلام السيد الخوئي من جهات:
الأولى: نسبته القول بان الوضع أمر واقعي حصل بالجعل إلى المحقق العراقي، مع أنه غير ظاهر من كلامه، بل الظاهر خلافه، وحدوث الملازمة الواقعية لا يستلزم واقعية الوضع، إذ المجعول رأسا ليس هو هذه الملازمة، بل مفهومها.
الثانية: الترديد في الايراد عليه، بين أن يكون اختياره حدوث الملازمة مطلقا بلا تقييد بالعلم بالجعل، وأن يكون اختياره حدوثها في صورة العلم إذ لا وجه لهذا الترديد بعد أن عرفت أن المحقق المزبور قد تنبه للاشكال وقيد حدوث الملازمة بصورة العلم، فلا اجمال في كلامه من هذه الجهة كي يكون مجال الترديد.
الثالثة: الاشكال عليه بعد فرض اختياره الشق الثاني من شقي الترديد أعني اختصاص حدوث الملازمة بصورة العلم بالوضع، بان الامر وان كان كذلك الا انها ليست بحقيقة الوضع، بل هي متفرعة عليها ومتأخرة عنها رتبة، ومحل كلامنا هنا في تعيين حقيقته التي ترتبت عليها الملازمة.
فان هذا الاشكال مندفع بما عرفت، من عدم ادعاء المحقق المزبور كون هذه الملازمة هي حقيقة الوضع، بل ما ذكره - كما أوضحناه - ظاهر في أنها نتيجة الوضع وأثره فلاحظ وتدبر.
واما القول الثاني - أعني: القول بان الوضع برزخ بين الواقعي والجعلي -، فهو الذي ذهب إليه المحقق النائيني كما في تقريرات بحثه (1).
وتقريب ما ذكره: انه لما لم يكن واضع الألفاظ لهذه المعاني من البشر .