أخذ قصد القربة في متعلق الامر، لم يصح التمسك بالاطلاق في نفي دخل قصد القربة في الغرض الذي هو موضوع الشك، وان بنى على امكانه كغيره من قيود المتعلق نظير الطهارة في الصلاة، أمكن التمسك بالاطلاق في نفي دخله في المتعلق الذي هو موضوع الشك مع تمامية مقدمات الحكمة، لأنه يكون كسائر القيود المحتمل الاخذ، فمع الاطلاق ينفي أخذها. فالتمسك بالأصل اللفظي - وهو الاطلاق - في نفي اعتبار قصد القربة على القول بامتناعه غير صحيح.
وقد ذكر لاثبات كون الأصل في الواجبات هو التعبدية - في قبال التمسك بالاطلاق الذي يقتضي التوصلية - وجوه:
الوجه الأول: ان الامر لما كان من الأفعال الاختيارية للمولى، فلا بد من صدورها عن غرض مصحح، والغرض من الامر ليس إلا جعل الداعي والمحرك للعبد نحو العمل المأمور به. فلا بد من الاتيان بالعمل بداعي الامر تحصيلا لغرض المولى ما لم يقم دليل خاص على حصوله بدون ذلك. فالأصل في الواجب الاتيان بها بداعي الامر.
وقد أورد عليه المحقق النائيني (رحمه الله): بان المراد من كون الامر بغرض جعل الداعي والمحركية..
ان كان ان الامر انما هو بدعي جعل ما يمكن أن يكون داعيا ومحركا لو لم يكن له داع آخر من قبل نفسه، بمعنى ان العبد المنقاد إذا لم يكن في نفسه ما يدعوه إلى الاتيان بالعمل فلا أمر صالح لداعويته إليه ومحركيته نحوه.
وبعبارة أخرى: ان كان المراد كون الغرض من الامر جعل ما يقتضي الداعوية وما له قابلية المحركية وشأنيتها.
فهو مسلم لا ينكر، لكنه لا يثبت التعبدية لأنه مشترك بين جميع الواجبات التوصلية والتعبدية، إذ لا ملزم فيه للاتيان بالفعل بداعي الامر كما لا يخفى.
.