فرسخ وهو بديهي المنع. وانما يتوقف أيضا عن سبق بناء وقرار على جعل العلم على رأس فرسخ، فتحصل الدلالة بسبق هذا القرار والبناء.
وعليه، فالوضع الاعتباري الجعلي أولى بعدم انتهائه إلى دلالة اللفظ على المعنى بنفسه وتوقفه على سبق القرار والبناء على دلالة اللفظ على المعنى عند الوضع. وإذا انتهى الامر إلى اعتبار الدلالة وجعلها وعدم كفاية مجرد الوضع تكوينا أو اعتبارا، فيقتصر عليه ولا احتياج إلى وضع اللفظ على المعنى اعتبارا.
وأما الاحتمال الثالث: فغاية تصويره، أن اللفظ يعتبر ويجعل وجودا آخر للمعنى في قبال الوجود الحقيقي الواقعي له. وقد اختلف التعبير عن هذا المعنى، فعبر عنه تارة باعتبار اللفظ نفس المعنى وأخرى بتنزيله منزلة المعنى وجعله وجودا تنزيلا له.
وقد ذكر لهذا الوجه مؤيدات وشواهد لا يهمنا البحث عنها قبل معقولية هذا المعنى وامكانه ثبوتا، فان البحث عن المؤيدات الاثباتية فرع الامكان الثبوتي، فلا بد من وقوع البحث أولا عن معقوليته.
وقد التزم السيد الخوئي بمعقوليته في نفسه، ولكن أورد عليه بوجهين:
الأول: ما تقدم في مقام الايراد على المحقق الأصفهاني من انه معنى دقيق لا تصل إليه أذهان افراد العرف، مع أن عملية الوضع يقوم بها الصغار فضلا عن الكبار، بل قد يقوم بها بعض الحيوانات التي لا شعور عندها.
والثاني: ان الغرض المقصود من عملية الوضع هو تحقيق دلالة اللفظ على المعنى لحصول التفهيم بها، والدلالة كما لا يخفى تقتضي إثنينية الدال والمدلول.
وعليه، فاعتبار الوحدة بين الدال والمدلول يكون لغوا وعبثا، لأنه بلا أثر.
إذ لا يترتب عليه أثر الوضع لأنه يقتضي التعدد (1).
.