ويقع الكلام بعد ذلك في الجهة الثانية: وموضوع البحث فيها تشخيص الملحوظ من افراد التمامية في معنى المأخوذة في موضوع البحث في المسألة، وانه هل التمامية من حيث موافقة الامر، أو التمامية من حيث اسقاط الإعادة والقضاء، أو التمامية من حيث ترتب الأثر التكويني، وهو النهي عن الفحشاء - مثلا -؟.
والتحقيق: عدم امكان إرادة الصحة بمعنى التمامية من حيث موافقة الامر، أو من حيث اسقاط الإعادة والقضاء، وعدم كونها من احدى هاتين الحيثيتين محلا للبحث.
وذلك لان الشئ لا يتصف بموافقة الامر أو اسقاط القضاء الا بعد تعلق الامر. فلا يمكن الالتزام بان اللفظ موضوع للشئ الصحيح من حيثية موافقة الامر أو اسقاط القضاء، لان المفروض اخذ المسمى في موضوع الامر، ويمتنع أخذ الشئ بما أنه موافق للامر في موضوع الامر فإنه خلف كما لا يخفى، فلا بد ان يفرض المسمى مما يمكن أخذه في حيز الامر ومما يمكن فرضه في مرتبة متقدمة عليه، وهو غير الصحيح من احدى الحيثيتين المزبورتين.
وعليه، فيتعين أن يكون موضوع الكلام ومحل البحث هو الصحيح بمعنى التمام من حيث ترتب الأثر، وان الموضوع له هو الصحيح بهذا المعنى أو الأعم، إذ لا محذور فيه سوى ما يتوهم من انه يلزم اخذ ما هو خارج عن الذات فيها، وذلك لان الصحيح بهذا المعنى انما ينتزع عن الشئ بلحاظ ترتب الأثر عليه، فالأثر خارج عن ذات الشئ لأنه بمنزلة المعلول لها، وظاهر خروج المعلول عن العلة.
وعليه، فأخذه في المسمى ولو بلحاظ تقيده ودخل التقيد به وان كان نفس القيد خارجا يلزم أخذه في الذات، وهو خلف فرض خروجه عن ذات المؤثر.
وهو مندفع: بان خروج الأثر عن حقيقة المؤثر وتأخره رتبة عن وجود