وتحقيق المطلب: ان استعمال شئ للإراءة والكشف عن شئ آخر..
تارة: يكون بنحو يكون المستعمل فانيا في المستعمل فيه، بحيث لا يلتفت إليه أصلا مع الالتفات إلى المستعمل فيه ويكون في حال الاستعمال مغفولا عنه، وذلك كالمرآة بالنسبة إلى الوجه المرتسم بها، فإنه مع استعمالها للكشف عنه يكون الملتفت إليه خصوص الوجه، وأما نفس المرآة فهي مغفول عنها ولا يلتفت إليها أصلا، فلا يلتفت في لونها وخصوصيتها في هذا الحال، فلو التفت إليها كان المستعمل فيه - أعني الوجه - مغفولا عنه وغير ملتفت إليه.
وأخرى: يكون بنحو يكون المستعمل ملتفتا إليه مستقلا مع الالتفات إلى المستعمل فيه، وذلك كالاستعمالات الكنائية والملزوم في هذا الاستعمال ملحوظان مستقلا وملتفت إليهما معا، ولذا يصح الحكم على كل منهما بحكم في آن واحد وتتعلق بهما الإرادة والقصد في حين واحد.
إذا عرفت هذا، فهل سنخ استعمال اللفظ في المعنى كاستعمال المرآة في الوجه، فيكون اللفظ حال الاستعمال فانيا في المعنى ولا يلتفت إليه أصلا؟ أو انه كاستعمال الملزوم وإرادة اللازم، فيكون كل منهما متعلقا للحاظ مستقل والتفات كامل في نفسه؟ أو لا هذا ولا ذاك، بل سنخ ثالث؟.
الحق هو الأخير.
أما انه ليس من قبيل استعمال المرآة، فلانه من البديهي انه يمكن الالتفات إلى اللفظ وخصوصياته حال الاستعمال، ولذلك يختار الخطيب الألفاظ الرشيقة والعبارات الشيقة في مقام أداء المعاني، كما أنه قد يجري على طبق القواعد العربية المرسومة في باب الاستعمال التي يتوقف الجري عليها على نحو التفات إلى اللفظ، كقواعد النحو والصرف والبلاغة.
وأما انه ليس من قبيل الاستعمالات الكنائية، فلانه من الظاهر أن اللفظ