استعمال اللفظ فيما يناسب الموضوع له هذا البحث لا أثر له في المجال العملي أصلا، وقد أطال القوم فيه، ولكنه تطويل بلا طائل، لذلك رأينا الاقتصار على بيان مطلب الكفاية لا أكثر. فنقول:
ان موضوع النزاع، هو ان صحة استعمال اللفظ فيما يناسب المعنى الموضوع له هل هي أمر يرجع إلى الطبع والذوق أم انه أم يرجع فيه إلى الواضع؟ فان رخص فيه الواضع صح والا لم يصح، سواء كان سليما وغير مستهجن لدى الطبع والذوق أو كان لم يكن كذلك، وأما على الأول فالامر على العكس، فان صحة الاستعمال تدور مدار جريانه على طبق الذوق والطبع، فان حسنه الطبع صح وإن لم يرخص الوضع، وان استهجنه الطبع لم يصح وان رخص الواضع وأجاز. وهو الذي اختاره صاحب الكفاية مؤكلا تعيينه إلى الوجدان، وانه يرى ان صحة الاستعمال كذلك أمر يرتبط بالطبع ولا دخل للواضع فيه أصلا، وان الوجدان قد يحسن استعمال كذلك لم تثبت فيه إجازة الواضع - كما يمثل له باستعمال لفظ (حاتم) في الكريم مع أنه يعلم بان أب حاتم أو غيره ممن وضع لفظ حاتم لذاته لم يتصور استعمال هذا اللفظ في غير ولده فضلا عن تحقق الإجازة منه، بل لعل المرتكز في وضع الاعلام والوضع لنفسه دون غيره من الذوات بحيث يمنع ارتكاز استعماله في غير ذات، مع أن صحة هذا الاستعمال لا يختلف فيها اثنان -. وقد يقبح استعمال كذلك وان ثبتت فيه إجازة الواضع، كما يمثل له - وان نوقش في المثال - باستعمال لفظ: (العذرة) في الأكل بلحاظ علاقة الأول، فان هذه العلاقة ثابتة لغة في الاستعمالات المجازية، مع وضوح عدم صحة مثل هذا الاستعمال في المثال المزبور. وليس ذلك الا من جهة