للوضع والمناقشة فيه وعدم ارتضائه حتى من المحقق الأصفهاني نفسه، وكون الوضع هو اعتبار الارتباط بين اللفظ والمعنى أو اعتبار اللفظ على المعنى أو غيرهما. ولا يخفى ان اللفظ لا يكون على هذا وجودا للاخر بالعرض للمعنى، إذ طرف العلقة الوضعية لا يكون وجودا بالعرض لطرفها الاخر - نظير طرفي السلسلة المشدودين بها فان أحدهما لا يكون وجودا للاخر بالعرض، والوضع كذلك فإنه عبارة عن ربط اللفظ والمعنى برابط وجعل كل منهما طرفا للارتباط -، وإلا لكان المعنى وجودا بالعرض للفظ، ولا يلتزم به أحد.
وبالجملة: فأساس هذا المعنى للانشاء وهو كون اللفظ وجودا للمعنى بالعرض غير ثابت فلا: تتجه دعوى أن الانشاء هو هذا النحو من ايجاد المعنى وأما ما ذكره صاحب الكفاية: فالالتزام به يتوقف على نفي المحذور فيه ثبوتا واثباتا.
اما المحذور الثبوتي: فلم يتعرض أحد إلى بيان محذور ثبوتي فيه، ولعله لاجل عدم اهتمامهم فيما ذكره (رحمه الله) أو صرفه إلى معنى غير ما ذكرناه.
نعم يمكن استفادة دعوى المحذور الثبوتي في الجهة الثانية في البحث ممن يدعي ان الجمل الانشائية لها من المعنى ما لا يتلاءم مع تفسير الانشاء بما فسره به صاحب الكفاية، فتنقيح وجهة النظر فيه نوكلها إلى الجهة الثانية.
وأما المحذور الاثباتي: فمعرفة وجوده وعدمه تتوقف على ذكر القولين الآخرين ومعرفة ايها التام، فان في بطلان الأقوال الأخرى ومعقولية قول الآخوند مؤيدا له وترجيحا للالتزام به كما لا يخفى.
وأما القول الثالث: فهو المشهور في تفسير الانشاء، ومحصله كما أشرنا إليه: هو أن الانشاء عبارة عن ايجاد المعنى باللفظ في عالم الاعتبار العقلائي، بمعنى ان المعنى الاعتباري في نفسه يوجد له فرد حقيقي بواسطة اللفظ، فيكون القاء اللفظ سببا لتحقق اعتبار العقلاء للمعنى. فالانشاء هو التسبيب