الامر الثاني: في معنى الصحة وتحديد موضوع النزاع والبحث.
اتفق الكل على أن معنى الصحة هو التمامية، الا انه وقع الكلام في جهات:
الأولى: انه هل للتمامية واقع مستقل غير ما ذكر من الآثار كموافقة الامر واسقاط القضاء والإعادة، أو انها أمر ينتزع عن مقام ترتب الأثر؟. وبعبارة أخرى: ان موافقة الامر ونحوها من الآثار هل هي من لوازم التمامية وآثارها، أم انها من مقومات معناها؟. ذهب صاحب الكفاية إلى أن هذه الآثار لوازم التمامية ومن آثارها، وان تفسير الصحة في كلام الفقهاء باسقاط الإعادة والقضاء، وفي كلام المتكلمين بموافقة الامر، تفسير لها بلوازمها وآثارها التي هي محط النظر، وان ذلك لا يكون دليلا على أن للصحة معنى غير التمامية (1). وظاهر كلامه في مبحث دلالة النهي على الفساد، ان اتصاف العمل بالتمامية انما هو بلحاظ ترتب الأثر (2).
وذهب المحقق الأصفهاني إلى الثاني، فادعى ان مثل موافقة الامر واسقاط الإعادة من مقومات التمامية حيث إنه لا واقع للتمامية الا التمامية من حيث موافقة الامر أو اسقاط الإعادة والقضاء أو ترتب الأثر المرغوب، فالتمامية متقومة بهذه الحيثية المضافة إلى الأثر، ولا يخفى انه يمتنع أن يكون الأثر حينئذ من لوازم التمامية، لان ما يكون من مقومات الشئ لا يكون من لوازمه وآثاره، لان نسبة اللازم إلى الملزوم والأثر إلى المؤثر نسبة المعلول إلى العلة، وهو خلف فرض كونه مقوما للشئ.
ثم إنه تعرض في حاشية له على المقام لبيان الفرق بين لازم الماهية ولازم .