ليست بواقعية ولا جعلية وان الوضع وسط بين الواقعي والجعلي في حقيقته، إذ التزم بأنه امر اعتباري بيد الشارع. وانما الدعوى كونه وسطا بلحاظ عدم ترتب الآثار العادية المترتبة على الاعتباريات الشرعية عليه فهو وسط من حيث اللوازم والآثار لا من حيث الحقيقة كما توهم.
الا ان الذي يرد عليه (قدس سره) في جهات كلامه الأخرى ظاهر، وبيانه:
أما ما ذكره من المانع الثبوتي لكون الواضع من البشر، فلانه انما يتم لو التزم بان وضع الألفاظ لابد وأن يكون دفعة واحدة، وهو غير مسلم إذ الوضع انما يحتاج إليه لحصول التفهيم والتفاهم بين الافراد في أمورهم الاجتماعية، والحاجة إلى الألفاظ الموضوعة تختلف سعة وضيقا باختلاف المحيط والمجتمع كما انها تزداد بمرور الزمن وكثرة المواد المألوفة المتداولة في ما بين الافراد.
وعليه، فوضع هذه الألفاظ للمعاني لم يكن بنحو دفعي، بل بنحو تدريجي حسب ما يتطلبه كل زمن من سعة ما يتفاهم به، كما أنه لم يكن شخصيا، بل كان عاما. فوضع أولا قسم من الألفاظ لقسم من المعاني، ثم حصلت الحاجة لوقوع التفاهم ببعض المعاني الأخرى فوضع لها بعض الألفاظ وهكذا كما أن هذا المجتمع يضع هذه الألفاظ لهذه المعاني وغيره يضع غيرها لمعاني أخرى لاختلاف حاجتهم وتنوعها.
وظاهر ان المحذور المذكور لا يتأتى في مثل هذا النحو.
ومن هنا يتضح الاشكال في الوجه الاثباتي، فإنه مجد في فرض دعوى وحدة الواضع وانفراده دون فرض دعوى عدم تعينه بشخص دون آخر ولا مجتمع دون غيره ولا زمان دون زمان، إذ مثل هذا العمل لم تجر العادة بتسجيله والتنبيه عليه من الوضع التاريخ. بل لعله يكون مستهجنا في عرفهم.
واما ما ذكره من كون الوضع من الله، وان ايصاله يكون بالالهام - بعد