العمل بعد اليأس عن الظفر بالدليل، فتندرج في علم الأصول بناء على تعريف صاحب الكفاية بملاحظة ما أضافه من القيد إلى تعريف المشهور.
بهذا التوجيه وجه المحقق الأصفهاني نظر صاحب الكفاية في ذكر هذا القيد (1) - ولكنه ذكره بنحو مجمل كان ما ذكرناه توضيحا له -، ثم أفاد (قدس سره) بان الاشكال المذكور يسري إلى جل مسائل الأصول بما محصله: ان الامارات غير العلمية سندا ودلالة يتطرق إليها هذا الاشكال، وهو ان مرجع حجيتها اما إلى الحكم الشرعي بناء على كون مفاد دليل الاعتبار جعل الحكم المماثل للمؤدي، أو غير منته إليه ابدا بناء على كون المجعول فيها هو المنجزية والمعذرية فهي على كلا التقديرين لا تقع في طريق استنباط الاحكام.
وتخلصا عن هذا الاشكال في جميع موارده، وجه الاستنباط بمعنى يحصل بهذه المسائل، وذلك بدعوى: ان حقيقة الاستنباط ليس إلا تحصيل الحجة على الحكم الشرعي بلا توقف على احراز الحكم. وظاهر ان حجية الامارات بأي معنى كانت لها الدخل في إقامة الحجة على حكم العمل، وبذلك جعل الضابط للمسائل الأصولية هو القواعد الممهدة لتحصيل الحجة على الحكم الشرعي.
وتابعه بذلك في تفسير الاستنباط السيد الخوئي - كما جاء في تقريرات درسه - (2).
ولا يخفى ان ما ذكره (قدس سره) وان كان بظاهره التزاما بوجهة نظر صاحب الكفاية التي ابان عنها اللثام، الا انه في الحقيقة اشكال عليه في اقتصاره في الاشكال على بعض الموارد، مع كون الاشكال ساريا إلى جل المسائل.
فالتحقيق: انه يمكن أن يكون نظر صاحب الكفاية إلى جهة تختص بهذه الموارد التي نبه إليها في كلامه، ولا تسري إلى غيرها، كما لا ترتفع تلك الجهة .