عنه فهي من شؤون الاستعمال، بل الفرق انهما متقابلان بتقابل العدم والملكة تارة بتقابل السلب والايجاب أخرى، فمثل: (بعت) وأشباهه من الجمل المشتركة بين الانشاء والاخبار يتقابلان بتقابل العدم والملكة، لان المعنى الذي يوجد بوجوده التنزيلي اللفظي قابل لان يحكى به عن ثبوت في موطنه، فعدم الحكاية والتمحض فيما يقتضيه طبع الاستعمال عدم ملكة، ومثل (افعل) وأشباهه المختصة بالانشاء عرفا يتقابلان تقابل الايجاب والسلب، إذ المفروض ان البعث الملحوظ نسبة بين أطرافها نظير البعث الخارجي، غير البعث الملحوظ بعنوان المادية في سائر الاستعمالات كما سمعت منا في أوائل التعليقة، فمضمون صيغة (اضرب) مثلا غير قابل لان يحكى به عن ثبوت شئ في موطنه بل متمحض في الانشائية، وعدم الحكاية حينئذ من باب السلب المقابل للإيجاب).
هذا نص ما افاده (قدس سره) في تعليقته على الكفاية وهو واضح لا يحتاج إلى توضيح (1). والكلام فيه من جهتين:
الجهة الأولى: في صحة نسبة الوجه المذكور إلى صاحب الكفاية، والتحقيق عدم الصحة لأنه خلاف ما هو الصريح لكلام صاحب الكفاية، من أن المراد من نحو الوجود هو الوجود الاعتباري بحيث يكون الانشاء من سنخ الاعتبار، فنسبة إرادة الوجود بالعرض الساري في الجمل الخبرية والانشائية إلى صاحب الكفاية لا وجه لها، خصوصا بملاحظة ما يصرح به من أن هذا النحو من الوجود لا يتحقق بالجملة الخبرية.
وأما ما ذكره من الوجه في حمل كلام صاحب الكفاية على ذلك فهو لا يفي بذلك، إذ لم يدع صاحب الكفاية ان المعنى يوجد بالذات بالانشاء بوجود حقيقي مقولي كي يرد عليه ان الوجود بالذات ينحصر في الحقيقي والذهني.
.